السؤال:
عندي مشكلة كبيرة وهي غيره زوجي الشديدة من أخي، لأن أخي أحبّ وأغلى وأهم إنسان على قلبي، و والله مهما أتكلم عن أخي لن أوفيه حقه أبدا، فزوجي دائما ما يتكلم عنه بكلام جارح ويطلب مني أن أحبه أكثر من أخي ويقول الزوج أغلى من الإخوة والأهل، لأن الزوج جنة المرأة ونارها، وقد تعبت من هذا الأمر وقد قررت الانفصال عنه بسبب ظلمه لي ولأخي. أرجو أن تقولوا لي ماذا أفعل مع هذا الزوج لأني فعلاً قررت الطلاق. ارجو الرد وجزاكم الله خيرا.
الجواب:
لا يستطيع الإنسان أن يتحكم بقلبه، لكنه يستطيع أن يتحكم بسلوكه وكلامه، وليس من الحكمة أن تغيظ الزوجة زوجها بتعمد إظهار محبتها لأخيها، فالمسلم/ـة إنسان متوازن يضع الأمور في نصابها ولا يغلِّب جانب على جانب آخر، فللأخ محبته وللزوج محبته، ولا يصح أن تكون محبة الأخ آلة للنكاية بالزوج، فالزوجة العاقلة هي التي تكسب قلب زوجها دون أن تتضرر علاقتها بأخيها وأهلها، أما المضي قدما في إغاظة الزوج فلا فائدة منه وسيؤدي إلى تدمير الحياة الزوجية.
أنصحك بالكف عما يغيظ زوجك حفاظا على دوام الحياة الزوجية، ولا تبالغي بإظهار محبة أخيك أمامه، لأن المبالغة في مديح الآخرين على مسامع الشريك قد يحمل ذما مبطنا له، أو قد يُفهم منه ذلك. وقد أمر الله تعالى الناس بالقول السديد بقوله:
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70-71]
والقول السديد هو الكلام الذي يمنع احتمال سوء الفهم من السامع، وتؤكد الآية أن هذا سبب في صلاح الأحوال ومغفرة الذنوب.
والكلام الذي لا ضرورة له هو لغو قد يسبب المتاعب، لذا وصف الله تعالى المؤمنين بأنهم يتجنبونه:
﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون: 1-3]
وقد ورد في الأثر عن نبينا الكريم وقيل عن علي بن أبي طالب أنه قال :
«أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا، وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا مَا»[1]
وفي هذا الأثر توجيه بعدم المبالغة حتى في المشاعر القلبية تحسبا لما تحمله الأيام من تغيير في تلك المشاعر فتتسبب بصدمة للمرء قد لا يحتملها.
أما معاملة زوجك السيئة لك فظاهر أن سببها شعوره أنك تتعمدين تهميشه في الوقت الذي تبالغين في الثناء على أخيك وأهلك، وهذا من مقابلة الإساءة بالإساءة، ولو صبر وقابل ما تفعلينه بالنصح أو التجاهل لكان خيرا له.
ولإصلاح ما فسد، ننصح الزوجة بالكف عما يؤذي زوجها لعله يكف عن إيذائها، وإن رأت الزوجة أن لا تستمر معه في النكاح فلها أن ترد له المهر أو بعضه فتصبح بذلك بائنة منه، ولا تفعل ذلك إلا بموافقة وليها.
ـــــــــــــــــــــــــــ
[1] «سنن الترمذي» (4/ 360 ت شاكر) حديث رقم 1997