السؤال:
الإخوة الكرام: أنا سافرت إلى تركيا قبل بضعة أشهر وكنت أريد أن أزور مركزكم ولكن لم يحالفني الحظ لأنه كانت عطلة عندكم. وكنت أريد أن أتحدث معكم في موضوع يؤرقني ويشغل بالي، والموضوع هو أنه تأتي على بالي أفكار إلحادية و هواجس حول موضوع الخلق وأحيانا أشعر بعدم وجود الله للأسف. حاولت أن أقرأ أو أبحث عن شيء يردع هذا التفكير لكن للأسف فإنه يزداد، مع العلم أني قبل ذلك كنت شديدة التعلق بالله وكنت ملتزمة بالدين والأخلاق، حتى لم أعد أستطيع قراءة القرآن لأني عندما أقرأه أجد الكثير من الآيات التي تزيد شكوكي، مثل لماذا هناك الكثير من آيات العذاب وغيرها من الأمور. وكنت قد قرأت مقالات عن مدى صدق النبي محمد، أرجو المساعدة أو توجيهي في هذا الموضوع.
الجواب:
يؤسفنا أنك لم تتمكن من زيارة مركزنا، ولعل الأمر يتيسر لاحقا بإذن الله تعالى، حيث تُسعدنا زيارتكم لنا وتواصلكم معنا.
إن نوعية هذه الأسئلة قد يراها البعض معقدة وتحتاج إلى الإسهاب في الإجابة وتقديم الأدلة وإقامة الحجج والبراهين، ولكن الحقيقة تقول بأن وجود الله تعالى لا يحتاج منا أدلة وبراهين، كما لا يحتاج إلى القراءة والبحث حول موضوعات الخلق، بل إنه قد لا يحتاج إلى قراءة القرآن نفسه، ولكنه يحتاج فقط إلى أن يتبع الإنسان فطرته التي تدله على الخالق العظيم وتأمره بالانقياد له، ثم لينظر المتشكك إلى مدى تناقضه مع نفسه!
ذلك لأن مسألة الشك في وجود الله تعالى فيها مفارقات عجيبة منها:
- أن من يشك في وجود الله تعالى ويقول أنه يشعر بعدم وجوده لأنه لا يراه رؤيا العين، فهل يا ترى يشك السائل في وجوده هو ويشعر بنفسه وبذاته المتمثلة في الجسد الذي بين جانبيه ويراه ويلمسه بل ويتحكم في بعض وظائفه من البصر والسمع واللسان واليد والرجل؟! بل هل يشعر بما لا يستطيع التحكم في وظائفه من نبض قلبه وشرايينه؟
هل يشعر بالشهيق والزفير من الهواء إلى رئتيه؟! هل يشعر بيده التي كتبت وسطرت مثل هذا السؤال؟!
فلن نسأله عما إذا كان يشعر بالكون من حوله من السماء والأرض والشمس والقمر واختلاف الليل والنهار وما يجري فيهما بنظام دقيق، ولن نسأله عما يراه ويلمسه من تلك المخلوقات والعوالم المختلفة كعالمي الحيوان والبحار ولن نسأله كذلك عن عالم النبات الذي يُسقى بماء واحد رغم اختلاف ألوانها وطعمها ورائحتها وحجمها، هذا النبات الذي يأكله ويقوت به جسده وينمو عقله وفكره ليفكر في مثل هذا السؤال!!
ولكن إن كان لا يشك في وجوده ويشعر بنفسه فليوجه لها سؤالًا غاية في السهولة واليسر، من الذي صنعه بهذا الشكل؟! فإن وجد الجواب فسوف يحصل على إجابة سؤاله وتتبدد شكوكه وشعوره الذي يؤرقه.
- العجيب أن هذا الشعور وتلك الشكوك لم تخرج ممن نشأ وعاش في مجتمع مشرك، بل الأدهى والأمر من ذلك أنها لم تخرج من المشركين أنفسهم ذلك لأنهم يعلمون علم اليقين أن الله تعالى هو خالقهم: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ، فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ﴾ (الزخرف 87).
وأن ما يرونه حولهم من آيات الكون لا بد لها من خالق: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُۚ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (لقمان 25)
وأن ما يأكلونه ويقتاتون عليه لا بد له من صانع: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ، قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ (العنكبوت 63).
فالإشكالية عند هؤلاء المشركين لم تكمن في وجود الله سبحانه من عدمه، إنما كانت تدور حول قضية الشرك به وإنكار نعمه تعالى وليس إنكار وجوده، فهؤلاء يريدون في عبادتهم لله سبحانه الذي لا يرونه شريكا ملموسًا وآلهة مادية معه حتى ولو كانت من الحجارة أو الحيوان أو حتى البشر: ﴿أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ، وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾ (الزمر 3) فهم يريدون التقرب إلى الله عن طريق شريك لا ينكرونه أو يشكون في وجوده!
- إن الرسل أنفسهم لم يأتوا لإثبات وجود الخالق أو إزالة الشكوك حوله وإنما جاءوا من أجل بشارة المؤمنين وإنذار المجرمين وهداية العاصين وحسم الخلاف بينهم: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ (البقرة (213
- وما جاء به هؤلاء الرسل من آيات ومعجزات لم تأت لتكون دليلًا على وجود الله تعالى أو أنه الخالق أو لتبدد الشكوك وعدم الشعور به وإنما كانت أدلة على صدق من يدعي النبوة والرسالة لئلا يترك الباب على مصراعيه لكل مدعٍ للنبوة والرسالة ويضل الناس بغير علم.
أما بالنسبة لآيات العذاب التي يمتلئ بها القرآن كما يدعي السائل التي قرأها بعينه وصدقها بقلبه وجعلته يخاف ويحتار أو بمعنى أدق جعلته ينكر ويشك ويشعر، فقبل أن نجيب عليه فليوجه لنفسه عدة تساؤلات:
- ألم ير آيات الرحمة والبشارة والنعيم تسبق آيات العذاب وقد زادت عليها في العدد؟!
- ألم ير ويقرأ الآيات التي تدعو إلى الصدق والرأفة والعدل والصلح والعفو والتعاون وغيرها من مكارم الأخلاق؟!
- ألم ير ويقرأ الآيات التي تدعو إلى التفكر في الكون ورفع السماء بغير عمد وغيرها من آيات الكون الفسيح حوله؟!
- ألم ير ويقرأ آيات الخلق والنعم التي ألفها للدرجة التي تجعله يستهين بها ولا يستشعر قيمتها إلا عندما يفقدها؟!
- أفلا يرى آيات الكون المرئية والملموسة والمسموعة؟!
- ألم ير أنه بالرغم من تطور العلم وزيادة المخترعات والمكتشفات قد عجز هؤلاء العلماء والباحثين والمخترعين أن يخلقوا مخلوقًا من أضعف وأصغر المخلوقات؟ وليس هذا فحسب بل إنهم عاجزون عن استعادة ما سلبه هذا المخلوق الضعيف منهم وهم أعتى العتاة وأقوى وأعظم المخلوقات: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ، إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ، وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ، ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ (الحج 73).
وإذا لم ير ويقرأ كل هذا وأكثر فعليه أن يسأل نفسه، ماذا لو تعرض أحد له أو لأحد من أهله وولده بسوء كقتل أو سرقة أو فعل فاحشة؟!
فهل سيعفو عن هذا المجرم القاتل المغتصب ويطلب من القاضي ألا يعاقبه؟!
هل فكر ماذا لو خرج المجرمون والقتلة من السجون؟!
ألم ير المستضعفين في الأرض والفقراء في البلاد الظالم أهلها والجرائم المنتشرة في كل مكان من القتل والسرقة والاغتصاب كم هي كثيرة؟!
هكذا حالنا وفينا من يخاف عذاب ربه، فكيف سيكون الحال لو أمن الناس العذاب!!
فالعقاب الذي يراه الناس سوءًا وقسوة هو الرادع لهؤلاء: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة 179)
فكيف يكون في القصاص حياة؟!
ذلك عندما يعلم المجرم عقابه وأنه سيُقتص منه بمثل ما فعل فلن يقدم على ارتكاب جرائمه وسوف يحيا الناس حياة آمنة مطمئنة، وقديمًا قيل (من أمن العقاب أساء الأدب)
وما نراه الآن من انتشار تلك الجرائم ما هو إلا انعكاس لترك منهج الله تعالى في الثواب والعقاب على حد سواء، وكلما أمن المجرم من العقاب الدنيوي أو الأخروي فسوف يطغى ويستشري فساده، وكلما ازداد الناس بعدًا عن منهجه وتطبيق شرعه عانى أهل الأرض جميعًا.
إن الله سبحانه وتعالى هو أرحم بعباده من آبائهم وأمهاتهم بل وأنفسهم، ولم يخلقنا ليعذبنا: ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ، وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا﴾ (النساء (147
ولو أن الله سبحانه قد خلقنا ليعذبنا لما ترك أحدًا من البشر يعيش على هذه الأرض: ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ، لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ، بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا﴾ (الكهف 58)
﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى، فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا﴾ (فاطر 45) ولم يعجل الله تعالى للعصاة العذاب، وذلك لإعطائهم الفرصة للتوبة والرجوع، وحتى مع تأخيره تعالى للعذاب فقد أكد سبحانه بأنه بصير بعباده: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا﴾ فإن شاء عفا وإن شاء عذب.
ولنا هنا وقفة:
إن هذا النوع من الأسئلة عندما تصدر من الإنسان ليس لأنه لا يجد الدليل على وجود الخالق بل لوجود ظروف خاصة تعصف به:
- إما إن يكون شخصا قد ابتلي ببعض الابتلاءات وضعفت نفسه ولم يستطع الصبر عليها فغلبه الشيطان فأنكر وجود الله كنوع من الانتقام للنفس ورفضه لهذا الابتلاء وكأنه ما دام لم يكرمه ربه وينعمه، فهو ليس له وجود من الأساس.
- وإما أن يكون ذا نفس أمارة بالسوء تريد التخلص من تبعات الإيمان بالله تعالى وتريد أن تعيش ملذات الحياة دون قيود كمن قيل فيهم: ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ، وَمَا لَهُمْ بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ، إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ (الجاثية 24) ذلك لأنه يعلم أن مقتضى الإيمانِ الانقيادُ للأوامر والنواهي.
وبدلًا من أن يكون عاصيًا ينظر إلى نفسه نظرة الفسق والفجور أراد التخلص من فكرة وجود الإله نفسه.
فهؤلاء يحاربون فطرتهم قبل أي شيء حيث أن الفطرة الإنسانية وحدها كافية للتعرف على الله سبحانه.
وعلى الرغم من ذلك فإن هذه النفوس المنكرة لآيات الله البينات الدالة على وجوده وقدرته تعلم علم اليقين وجود الله وأنه خالقهم: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا، فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ (النّمل 14)
والدليل على ذلك أنهم إذا تعرضوا لكرب شديد كحريق أو غرق أو زلزال تذكروا ربهم وحده لا شريك له: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُۖ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْۚ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا﴾ (الإسراء 67)
ولنا في فرعون العبرة والعظة _وهو مدعي الألوهية_ عندما تقين من هلاكه: ﴿حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (يونس 90)
وعلى كل من يساوره الشك في إنكار نعم الله سبحانه وآياته – ولن أقول يساوره الشك في وجوده تعالى- أن يفكر ويبحث في نفسه من أي النفوس هو؟! وما هو مبرره وعذره الذي وجده أمامه ليفتح له مجالًا للشك ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ﴾ (القيامة 15).
وما الذي أعمى قلبه عن رؤية ربه في كل ما حوله، نعم أكررها رؤية ربه في كل تفصيل من تفاصيل نفسه وجسده والكون من حوله؟! ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ، أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ (فصّلت 53).
وما الذي جعله يقنط من رحمة أرحم الراحمين الذي عندما أراد أن يكتب على نفسه شيء لم يكتب على نفسه العذاب أو حتى العدل (لأنه لو عدل معنا في الحساب فلسوف نهلك بسبب أخطائنا) وإنما كتب على نفسه الرحمة: ﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (الأنعام 54).
وذلك ليجد الرد على سؤال ربه: ﴿أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ (إبراهيم 10)؟!
وختامًا: إن مثل هذه التساؤلات إنما منبعها الشيطان: ﴿إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (آل عمران 175) فالشيطان دائم التخويف للإنسان أنه إذا اتبع رضوان ربه إما بالموت والهلاك في الدنيا أو العذاب في الآخرة.
ولكن علينا الانتباه أن الشيطان لا يخوف كل بني آدم وإنما (أولياءه) وأولياء الشيطان هم من يطلقون العنان لشهواتهم ويتبعون أهواءهم ويحسبون أنهم مفكرون ومبدعون ومثقفون: ﴿فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ، إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ (الأعراف 30)
أما أولياء الله فلا يؤثر فيهم كيد الشيطان: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (يونس 62)
وعلى كل مسلم ألا يتبع خطوات الشيطان وأن لا يصغي إليه، بل يتبع نداء الله تعالى وتعاليمه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ، وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ، وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (النّور 21) ونتذكر أنه لا عذاب مع التوبة والاستغفار: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ (الأنفال 33).
وأن نسارع بالعودة إلى فطرتنا: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا، فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا، لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ، ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (الرّوم 30)
فهو سبحانه المأمن والمأوى المجيب لدعائنا: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ، أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ، قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ (النّمل 62)
وعلينا أن نجيب عن سؤاله: ﴿أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ﴾؟! فما بال من يشك أنه لا إله أصلا!!
﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ، وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ﴾ (الزخرف 84).
نسأل الله تعالى الهداية والتوفيق لنا ولكم وللناس أجمعين
وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين والفطرة
الموقع: حبل الله https://www.hablullah.com/
الباحثة: شيماء ابو زيد