السؤال: هل الشغل نصيب أم اجتهاد من الإنسان؟
الجواب:
الشغل اجتهاد من الإنسان ونتائج الشغل نصيب، فقد يشتغل اثنان بنفس المهنة لكن أحدهما يصادف نجاحا عظيما والثاني يصادف فشلا، لقد نجح الأول لأنه أجاد العمل وصادف مقومات النجاح أما الثاني فربما لم يتقن العمل وربما لم يصادف مقومات النجاح، وكلا الشخصين مبتلى فيما آتاه الله تعالى، فالناجح مبتلى بإنفاق المال فيما أحل الله وبإيتاء الزكاة وبمساعدة المحتاجين، وأما الثاني فمبتلى بالفقر، حيث يقع عليه أن لا تمتد يده إلى الحرام، وأن يصبر على العمل وأن يبقى يحاول عساه يُقدَّر له الخير، فكم من فقير أغناه الله تعالى وكم من غني صار فقيرا، فنحن لا نعلم على وجه اليقين ما ينتظرنا في المستقبل، والذي يقع على عاتقنا هو العمل والجد والاجتهاد، والمؤمن يترك النتيجة على الله تعالى ويقبل ما يحصل عليه من نصيب في هذه الدنيا.
لقد أمرنا الله بالسعي لكسب الرزق بقوله:
﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: 15]
ثم ذكر أن التوفيق في هذا السعي مرتهن بالأسباب كالظروف المحيطة ومقومات العمل وقدرة العامل، وبعض تلك الأسباب ليس بمقدور الشخص أن يستوعبها أو أن يحيط بها جميعا، لهذا كانت أرزاق العباد متفاوتة تبعا لقدرات الفرد من جهة وللظروف التي يعمل بها من جهة أخرى. قال الله تعالى:
﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ، نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا، وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [الزخرف: 32]
لا شك أن النجاح مرتبط ببذل الجهد، لكن يبقى هناك ما يفوق قدرة الإنسان على الاحتواء، لهذا وجّه الله تعالى عباده المؤمنين أن يقرنوا العمل بالتوكل على الله تعالى ليحظوا بعونه وتأييده. قال الله تعالى:
﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51]