السؤال:
قرأت في موقعكم الكريم أن الله (حاشاه) لا يعلم المستقبل ولا من يدخل النار أو الجنة، كيف وعنده علم الساعة؟ وقد ذكر في كتابه الكريم أن أبا لهب من أصحاب النار؟ ألم يكتب في اللوح المحفوظ كل شيء منذ أن بدأ الخلق حتى قيام الساعة؟ وأن رزق الإنسان مكتوب له و هو في رحم أمه وبأن ما سيجري له وعليه مكتوب أيضا؟ وبأنه شقي أم سعيد؟ وكذلك موعد وفاته كل ذلك مكتوب قبل الولادة وغير ذلك من أمور التسيير الإلهي؟ أرجو التوضيح وشكراً لكم وجزاكم الله خيرا
الجواب:
هناك فرق بين علم تعالى فيما سيفعل ويقرر كعلمه موعد الساعة ومتى يخلق شيئا ومتى يميته وبين علمه بأفعال العباد التي هي محل التكليف والاختبار، فقد اختار سبحانه أن لا يعلم نتيجة الامتحان سلفا تحقيقا لمبدأ نزاهة الامتحان، وهذا ليس نقصا في علم الله تعالى وتنزه عن النقص والعيب، بل هو إرادته بأن يكون الإنسان صاحب إرادة تؤهله لأن يختار بين الحق والباطل ثم يحاسبه بناء على اختياره.
لذا توصيفك أنه ورد في موقعنا أن الله تعالى لا يعلم المستقبل فغير صحيح بدليل ما أسلفنا.
أما أعمال الإنسان فتكتب عندما يقوم الإنسان بها، وليس قبل ولادته، لأنها لو كانت كذلك لا يحاسب عليها؟
والآيات التالية تبين أن أعمال العباد تكتب عند القيام بها وليس منذ الأزل:
﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 18]
﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ. كِرَامًا كَاتِبِينَ. يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الانفطار: 10-12]
﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ [الزخرف: 80]
فبحسب الآيات السابقة فإن أعمال المكلفين تكتب عند صدور تلك الأعمال/الأفعال منهم، ولا يوجد آية في كتاب الله يُفهم منها أن أفعال العباد قد كتبت سلفا قبل أن يخلقوا. وبالتالي فإن الزعم بأن الإنسان يُكتب شقيا أو سعيدا وهو في بطن أمه لا يمكن إثباته، بل هو مجرد وهم وقع فيه البعض نتيجة للفهم الخاطئ لمسألة القدر.
علم الساعة هو مما اختص الله تعالى نفسه به، أما من سيدخل الجنة أو النار فهذا يظهر عندما يحاسب العباد، فمن ثقلت موازين حسناته فهو من أهل الجنة، ومن خفت موازينه فهو من أصحاب النار كما قررته سورة القارعة.
أما سورة المسد فلا بد أنها نزلت بعد وفاة أبي لهب لا قبل ذلك، لأن الله تعالى لا يقرر دخول إنسان النار إلا بعد أن ينتهي امتحانه، وهذا لا يتحقق إلا بموته وهو كافر.
*وللمزيد حول هذا الموضوع ننصح بقراءة المقالات والفتاوى التالية:
(معركة بدر والقدر) https://www.hablullah.com/?p=5206
(كتابة الأجل) https://www.hablullah.com/?p=2549
(هل يعلم الله تعالى أفعال العباد قبل ولادتهم؟) https://www.hablullah.com/?p=7021
دلالة قوله تعالى (فينظر كيف تعملون) https://www.hablullah.com/?p=7038