السؤال:
ورد في الآية 30 من سورة البقرة قوله تعالى “وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء”.
كيف علمت الملائكة ما سيحدث من الإنسان على الأرض من قبل أن يخلق آدم؟
الجواب:
كلمة الخليفة يفهم منها أن المخلوق الجديد سيخلف بعضه بعضا، وهذا يؤدي بالضرورة إلى التسابق نحو النفوذ والسيطرة الذي قد يؤدي إلى الاقتتال وسفك الدماء.
أصل كلمة خليفة (خليف) وإضافة التاء المربوطة إليها يفيد المبالغة. وتأتي كلمة خليف كاسم فاعل، بمعنى الخالف أي من يخلف غيره ويقوم مقامه. كما تأتي كاسم مفعول، بمعنى مخلوف؛ وهو الذي جاء من يخلفه من بعده، وتحمل الكلمة في طياتها معنى المخالفة لاختلاف النائب عن المنوب عنه.
إن كلمة الخلفية يفهم منها الاختلاف أيضا لأنها مشتقة من نفس الجذر اللغوي (خلف)، ولو نظرنا إلى البشر لوجدنا أنَّ آحادهم مختلفون حتى أننا لا نجد شخصين متطابقين في كل شيء، ويدل على هذا من الكتاب المجيد قوله تعالى:
﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ [هود: 118-119]
وعندما أخبر الله سبحانه الملائكة أنه جاعل في الأرض خليفة تبادر إلى أذهانهم الأخطار العظيمة التي سيتسبب بها المخلوق العاقل الجديد الذي يحمل صفة الخليفة، لذا بادروا بالتساؤل الحذر:
{أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء} (البقرة، 30)
لقد شاهدت الملائكة كيف أدى مبدأ الخلافة الموجود في الحيوانات إلى سفك دماء بعضها بعضا، وكيف يأكل القوي منها الضعيف.
وتنشأ الفوضى عندما يخاف الإنسان من فقدان ما في يده، أو يحاول أن يأخذ مكان غيره فيخلفه.
ومن الأسباب الرئيسية في عداوة الناس للأنبياء خوفهم من أن يفقدوا مناصبهم أو ما في أيديهم من السلطة والنفوذ والحظوظ الدنيوية، فلذلك حرص كل نبي من الأنبياء على أن يبدد هذا الخوف بالقول:
﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: 109، 127، 145، 164، 180]
*وللمزيد حول الموضوع ننصح بقراءة مقالتي أ.د عبد العزيز بايندر التاليتين:
(الخليفة والخلافة) https://www.hablullah.com/?p=2451
مقام الخليفة والكهنوت (الثيوقراطيَّة) https://www.hablullah.com/?p=2657
