السؤال:
هناك ظروف تقع علينا جبراً عنا لأننا نعيش في دولة غير مسلمة، أنا لدي شركة وأنفذ مشاريع كبيرة، عندنا التزامات أمام الشركات الكبرى، ويتمثل هذا الالتزام بإعطاءهم شكات بتاريخ مؤجل، وإذا رجع الشك ستهتز ثقة الشركة بنا ولن تعطينا أي بضاعة فيما بعد مع أننا ملتزمون مع زبائننا بتوريد تلك البضاعة، حيث إن شركتنا جيدة وفيها الربح ولكن للأسف معرضة للاهتزاز جراء رجوع شكات زبائننا وعدم قدرتنا على استيفائها بسبب أن مثل هذه الشركات تقوم بإعلان إفلاسها بشكل قانوني ولا نستطيع نحن كشركة من ناحية قانونية استيفاء أي من هذه الأموال، فتقوم الشركة عندنا بأعمال غير طبيعية وتقوم بعملية الترقيع تلو الترقيع، مثل أن آتي بشريك مال في بعض المشاريع بنسبة معينة حتى أتمكن من الالتزام في الشّكات التي أعطيتها للشركات الموردة بتاريخ مؤجل، حتى أتعبتني هذه الأعمال الترقيعية وأرهقتني، حتى لم أجد أحداً يشاركني مضاربة. وقد قرأت رأي أبي حنيفة وتلميذه محمد بن الحسن وغيرهما بجواز أخذ الربا في دار الكفر مستدلّين بحديث مرسل وعمل العباس في مكة وغيره .. فأنّا بين فكّين إما أن تسقط الشّركة وترجع شكاتي فينفضح أمري أمام الزبائن وغيرهم وأظهر _بنظرهم_ نصابا وكذابا ، وإما أن آخذ سقف دين من البنك مضطراً لوقت قصير حتى أعاود تقوية نفسي وآخذ أيضاً قرضا من مؤسسات قرضية تعطي قروضاً مقابل 5 % من الرّبا . فهل هذا عمل جائز وخاصة أن مؤسسة الإقراض هذه جهة غير مسلمة؟ وجزاكم الله خيراً
الجواب:
تحريم الرّبا جاء في الآيات مطلقا (البقرة 275، 276، 278، وآل عمران 130، والنساء 161)
وهذا يفيد حرمته في كلِّ مكان وزمان، ولا يُستثنى منه كون المسلم في ديار المسلمين أو في ديار غيرهم. وقد أجاز بعض الفقهاء _كما ذكرت في سؤالك_ الرّبا في دار الحرب، ولا حجّة لهم بذلك، لأنّهم استندوا إلى حديث غير صحيح السند كما أنّه معارض لمطلق الآيات والأحاديث الصّحيحة في هذا الباب.
والمسلم الحقّ يبحث عن الحلول السّليمة، فإنّ خلصت نيّته وجدّ في العمل فلن يعدم الوسيلة للوصول إلى ذلك، فالحلُّ ليس فيما حرَّم الله تعالى، وإنِّما فيما أحلّ، وما أحلّه كثير، وما على المسلم سوى الجدّ في العمل والتَّوكل على الله، والله خيرُ الرَّازقين.
*وللمزيد حول الموضوع ننصح بقراءة مقالة مبحث (الرّبا في دار الحرب) من كتاب (التّجارة والرّبا) لفضيلة أ.د عبد العزيز بايندر على الرّابط التّالي، ففيه مزيدٌ من التّوضيح والردّ على من زعموا الجواز.