السؤال:
يوجد بعض الناس الذين يقولون: بأن الرسول ﷺ أسري به ولم يعرج به إلى السماء، وذلك لأن الإسراء ذكر في القرآن الكريم بينما المعراج لم يذكر. أرجو الإجابة وجزاكم الله خيراً؟
الجواب:
ذكر الله تعالى في كتابه الإسراء وأنزل سورة باسمه وقد جاء في افتتاحيتها:
﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (الإسراء 1).
وبالرغم من اقتران المعراج بالإسراء في ثقافة المسلمين إلا أن السورة لم تأت له على ذكر أو إشارة، وهذا بحد ذاته يثير التساؤل حول حصوله.
وحادثة المعراج المزعومة لهي أكبر وأعظم من الإسراء في توصيفهم، لأن الإسراء رحلة أرضية والمعراج رحلة سماوية، فلو كان المعراج قد وقع كما زعمت الروايات فالسؤال الذي يطرح نفسه:
لماذا لم يأت له ذكر في القرآن الكريم؟!
فأيهما أولى بالذكر في كتاب الله تعالى الذي قال عنه منزله سبحانه:
﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ﴾ النحل (89)
لقد جاء في القرآن ما ينفي وقوع مثل تلك الحادثة، والعجيب أن هذا النفي قد ورد في نفس السورة التي ذكرت الإسراء حيث قال تعالى:
﴿أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ، وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ، قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا﴾ الإسراء (93)
تبين الآية الكريمة أنه عندما طالب المشركون الرسول بأن يأتي لهم بمعجزات وآيات مادية ثم طالبوه بالرقي في السماء (الذي هو بمعنى المعراج) جاء الرد واضحًا من الله تعالى لرسوله أن يقول لهم:
﴿قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا﴾ الإسراء (93)
ولو حدث المعراج فعلا لحاججهم به النبي بعدما تحدوه أن يفعله.
لقد أنزل الله في كتابه سورة باسم (المعارج) لكن لم يرد فيها ذكر أن النبي قد عُرج به إلى السماء، بل بيَّن لنا من هم الذين يعرجون إليه سبحانه:
﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ المعارج (4)
والقارئ لروايات المعراج نفسها يجدها تتناقض مع بعضها البعض قبل أن تتعارض مع كتاب الله تعالى الذي حصر العروج للملائكة وجبريل عليهم السلام كما حصر تكليم الله تعالى للأنبياء على نبيه موسى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا﴾ النساء (164)
والأدهى ما تدعيه تلك الروايات من إساءة إلى رب العالمين وتجسيد وتحديد لمكان يُدخل عليه فيه حين ادعت أن النبي دخل على ربه وكلمه: ﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ الزخرف (82)
إن تلك الروايات التي تزعم آيات ومعجزات مادية للنبي غير القرآن الكريم ما هي إلا زخرف القول الذي يهدف إلى صرف الناس عن آيات القرآن الكريم وتطبيق تعاليمها، وهؤلاء يسألهم رب العالمين سؤالا يتلى إلى يوم القيامة:
﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ، إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ العنكبوت (51)
الباحثة: شيماء أبو زيد