السؤال:
هل للزوج الحق في عدم الإنفاق على زوجته إن كانت ناشزا (لا تطيعه)؟ وهل هذا هو مفهوم الناشز في الإسلام أي التي لا تطيع زوجها في قول أو فعل؟ هل يحق له عضلها حتى تتنازل عن حقوقها ليطلقها؟
الجواب:
نفقة الزوجة لا تسقط عن الزوج بسبب سلوكها السيء معه، أما عدم طاعة الزوجة لزوجها لا تسمى نشوزا، لأن النشوز مسألة أخرى متعلقة بقرار الزوجة الافتراق عن زوجها مقابل إرجاع بعض المهر إليه، ويسمى هذا بالافتداء.
أقر القرآن حقّ المرأة بالافتراق عن زوجها (الافتداء) ، فكان معنى النشوز قرارها الافتراق عن زوجها. وفي هذه الحالة فإن الآية 34 من سورة النساء تقدم النصائح للزوج في كيفية التعامل مع زوجته الناشز:
﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ [النساء: 34]
كانت امرأة قد نشزت فذهبت هي وزوجها سويا إلى القاضي شريح، فطلب أن يرسل حكما من طرف الرجل وحكما آخر من أهل المرأة. جاء الحكمان واستقصيا حال الزوجين وبلغا شريحا بأن يفرقهما. وهذا الرأي لم يعجب الزوج، فقال شريح: ” فَفِيمَ كُنَّا فِيهِ الْيَوْمَ وَأَجَازَ أَمْرَهُمَا”[1] وقضى برأي الحكمين.
وقد تصرف القاضي شريح في مسألة نشوز المرأة بحسب الآية التالية:
﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ [النساء: 35]
فالنشوز التي وضحته الآيات لا علاقة له بالعصيان أو المخالفة، وإنما برغبة الزوجة عن زوجها وإرادتها الافتراق عنه.
أما عضل الزوج زوجته حتى تتنازل عن حقوقها فمحرم البتة، لأن الله تعالى يقول:
﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: 19]
وقد استثنت الآية الزوجة التي يراها زوجها متلبسة بجريمة الزنا، فيجوز له أن يستعمل وسائل الضغط المشروعة لإلجائها إلى الافتداء فتعيد له المهر أو بعضه، وهذا بالطبع إذا اختار أن يبقى ما رآه سرا لا يعلم به أحد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] السنن الكبرى للبيهقي (7/ 500)