السؤال:
عندي سؤال ، بعدما أنجبت ابنتي بعملية قيصرية (منذ أكثر من عام) اكتشفت أن الرحم لم يشفى و أصبح عندي نزول دم الحيض لمدة 15 يوما. أأكد أنه دم حيض و ليس دما خارج العادة الشهرية، فهو تشوه في الرحم يدعى isthmocele .
فهل يجوز أن أصلي في هذه الأيام و أنا لست طاهرة؟ شكرا على الجواب.
الجواب:
لا يوجد في القرآن الكريم ما يمنع الحائض من الصلاة أو غيرها من العبادات، لذلك فإن الحائض تصلي بلا حرج، وكذلك التي ينزل عليها الدم في غير موعد الحيض.
أما في الفقه التقليدي فقد منع الفقهاء المرأة الحائض من الصلاة أيام حيضها مستدلين بأحاديث عن نبينا الكريم، وهذه الأحاديث ليس لها مستند في كتاب الله فهي ليست بملزمة شرعا لأنه لا احتمال لكونها صحيحة، لأن الله تعالى قال:
﴿فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]
والأمر الوارد في الآية يشمل كل المخاطَبين، ولم يُستثن أحد من هذا الأمر، ولم يُعط لأحد العذر في تركها أو تأجيلها حتى لو كان مريضا أو مسافرا أو حتى في المعركة، فلا تبرأ منها ذمة إلا بأدائها بالكيفية التي يستطيعها. ولو كانت الحائض مستثناة من الأمر بالصلاة لذكرها سبحانه كما ذكر المرخص لهم بتأجيل الصيام في رمضان وهما المريض والمسافر على أن يقضوها في أيام أخر:
﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184]
وقد سئل نبينا الكريم عن الأحكام المتعلقة بالمحيض، فنزل قوله تعالى:
﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ، قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ، وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ، فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: 222]
هذه الآية تقرر أن المحيض أذى، والواجب على الزوج أن يعتزل زوجته أثناءه وأن لا يقترب منها حتى تطهر وتتطهر، ولو كان الحيض مانعا من صحة الصلاة أو الصيام لذكره الله تعالى؛ لأن القوم يسألون عما يلزمهم فعله أثناء تلك الفترة، ولا يمكن قبول الادعاء بأن الله تعالى لم يذكره في الكتاب ليستدرك عليه النبي في أحاديث مزعومة.:
﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم: 64]
وقد ذكر الفقهاء أن المرأة التي ينزل عليها الدم في غير موعد الحيض فإنها تصلي ولا حرج عليها، وهم بذلك يفرقون بين الدم النازل في مدة الحيض حيث يمنع صحة الصلاة، وما كان خارج مدة الحيض فلا يمنع من صحتها.
وما جعل الفقهاء يحكمون بحرمة صلاة المرأة أثناء الحيض هو تلك المرويات التي اتخذوها دليلا بمعزل عن القرآن الكريم، وهذه المسألة هي واحدة من المسائل الكثيرة التي تُرك فيها القرآن الكريم الناطق بالحق ليتم التمسك بالروايات التي يعطونها وصف الصحيحة باعتماد قواعد وأصول وضعوها بأنفسهم، والغريب أن تلك الأصول تخالف منهج الله تعالى في قبول الأخبار وردها[1].
*وللمزيد حول الموضوع ننصح بقراءة فتوى (صلاة الحائض) على الرابط التالي https://www.hablullah.com/?p=7267
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] انظر جمال نجم (متى تكون الرواية عن النبي حجة ملزمة) https://www.hablullah.com/?p=5191