السؤال
السلام عليكم أرجو من حضراتكم تبيان معنى قوله تعالى:
﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا. فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا. ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا. إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 4-7]
هل نفهم من الآيات أن الله تعالى كتب على بني إسرائيل هذه الأمور من الإفساد والعلو (وقد علمت أن الله تعالى يكتب أفعال العباد قبل حدوثها مباشرة لذلك استشكل علي الموضوع). وجزاكم الله عنا كل خير.
الجواب:
القضاء يأتي على معان عدة منها الإعلام والإخبار، وهذا المعنى هو المقصود هنا، ومثله ورد في قوله تعالى: {وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ} [الحجر: 60] أي: أعلمناه به.
والْكِتابِ هو التوراة أي: أخبرناهم في التوراة لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ.
فإن قيل كيف علم الله تعالى ما سيفعلون وقد اختار سبحانه أن لا يعلم أفعال عباده قبل أن يفعلوها، قلنا أن حالة القوم من تكرار الكفر بعد الإيمان وتنكرهم الدائم لأنبيائهم لزم وقوعهم في الفساد العام، وقد أخبر سبحانه أنهم سيفسدون في الأرض مرتين وسيلاقون جزاء فسادهم دمارا ووبالا، لأنها سنة الله تعالى في معاقبة المفسدين. فبعد أن قص الله تعالى خبر انتصار طالوت وداوود عليهما السلام على جالوت المفسد قال سبحانه معقبا ومقررا:
﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: 251]
فنهاية الفساد هو العقوبة، لذلك أنذر الله تعالى بني إسرائيل أنهم إن أفسدوا بعد الإفسادين المذكورين فسيعود الله تعالى للعقوبة:
﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾ [الإسراء: 8]