السؤال:
أخاف على أهلي ومستقبلهم وبما قد يحدث لهم. أعينوني أعانكم الله.
الجواب:
ربما تحدث النفس صاحبها بما يقلقه، لا سيما الخوف على الأهل والأحبة مما يخبئه المستقبل لهم. وحديث النفس هذا مدخل للشيطان لتعزيز هذه الفكرة فيوسوس لصاحبها بمزيد من التوقعات السيئة.
لقد بين الله تعالى لنا أن الشيطان يحاول بكل الطرق زعزعة إيمان المسلم بربه وأنه خالق الناس ومتكفل بأرزاقهم وأنه يعد عباده الفضل والخير بينما يعد الشيطان أتباعه الفقر والحرمان بقوله تعالى:
﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 268]
أمام هذه الآية الكريمة لا يسع المؤمن سوى الثقة بوعد الله تعالى وعدم إلقاء السمع لوعد الشيطان. يقول الله تعالى:
﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا﴾ [الإسراء: 31]
قتل الأولاد لا يعني إزهاق أرواحهم بالضرورة، بل إن حرمانهم من الطعام واللباس وغير ذلك مما يلزمهم يجعلهم في ذلة ومهانة هو أحد معاني القتل أيضا[1]، والآية تحذر من قتل الأولاد خوفا من الفقر، لأن الله تعالى قد خلق الخلق وهو سبحانه متكفل بأرزاقهم:
﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ. فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾ [الذاريات: 22-23]
رزق الإنسان هو حق عليه كما كان نطقه حق، فالذي يقع على الإنسان هو السعي الدؤوب مع مراعاة سنن النجاح:
﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15]
والإنسان في زحمة السعي في طلب رزقه يلزمه تقوى الله تعالى والتوكل عليه للوصول إلى النتائج الطيبة. يقول الله تعالى:
﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق: 2-3]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[1] (قتل) القاف والتاء واللام أصل صحيح يدل على إذلال وإماتة. ومن ذلك: قتلت الشيء خبرا وعلما. قال الشاعر: تقتلت لي حتى إذا ما قتلتني … تنسْكت، ما هذا بفعل النواسك (مقاييس اللغة: 5/ 56)