السؤال:
عندي سؤال بخصوص قوله تعالى: {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد:٣٥].
قرأت تفسيرا يقول أنه في حال قوة المسلمين يجب أن يحاربوا وأن لا يدعوا إلى السلم، لكن لو كانوا في حالة ضعف فلا بأس بأن يدعوا للهدنة والسلم.
أليس الإسلام دين سلم؟ فكيف عندما نكون نحن أقوياء نحارب ونرفض السلام ولكن نقبله فقط في حاله الضعف؟ فما رأيكم بهذه المسألة.
الجواب:
من المعلوم أن الضعف يغري الخصم، من هذا المنطلق يوصي الله تعالى المؤمنين الذين يتعرضون للحرب أن يُظهروا الحزم الكامل تجاه العدو حتى لا يطمع بهم أعداء أخرون، فإن انتهاء الحرب لصالح المسلمين سيمنع أعداء آخرين من التفكير بالاعتداء عليهم.
فالهدف من الحرب هو رد العدوان وتحقيق السلم، ولو كان الأمر هو القضاء على الكفار لما شرع الإسلام الأسر الذي يهدف إلى تحييد خطر المحارب المستسلم دون قتله [محمد: 4] ، ولما حث على قبول مقترح السلم إن صدر من الأعداء أثناء الحرب [الأنفال: 61] .
الممنوع هو أن يدعو المسلمون إلى السلم أثناء الحرب لأن هذا مؤشر ضعف [محمد:٣٥ ]، بخلاف الظروف العادية فإن المسلمين دعاة سلم لا دعاة حرب.
أما قوله تعالى: ﴿فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد:٣٥ ]
فهذه الآية تبين أن المسلمين هم الأعلون دائما، لأن الله تعالى معهم ولن يتركهم، فلا داعي لإظهار الضعف أمام العدو وطلب السلم أثناء الحرب.
إذا دخل المسلمون في الحرب فلا يصح لهم التراجع عنها إلا لضرورة حربية، كإعادة ترتيب الصفوف أو الانضمام إلى فرقة أخرى، وفي ذلك يقول تعالى:
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ. وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [الأنفال: 15-16].