السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته …وفقكم الله سبحانه وتعالى لطاعته دائماً وأبداً… استفساري هو:
أرى كتبا منشورة على النت بصيغ ملفات مختلفة، فإذا أراد الإنسان أن يقرأ كتاباً (في العلوم مثلاً) فهل عليه شيء…؟
مع العلم أنه مكتوب في المقدمة (جميع الحقوق محفوظة)، ولا أدري ما المقصود بهذه العبارة لذلك استفسر عن هذا الموضوع …
وهل هذه العبارة تعني أنهم يمنعون الإنسان من قراءتها…؟
جزاكم الله كل خير وأسكنكم الفردوس الأعلى مع الصادق الأمين المصطفى اللهم آمين والحمد لله رب العالمين .
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وشكرا لدعائك المبارك ونسأل الله تعالى لك خيرا مما دعوت، اللهم آمين.
كل ما ينشر على الشبكة العنكبوتية (الانترنت) فهو متاح للناس لقراءته والاستفادة منه، سواء كان منشورا على شكل مقالات مباشرة على موقع أو بصيغة ملفات، فيصح قراءة هذه الكتب لأن ناشريها قصدوا تعميم محتواها على طالبيها من القراء. وإن كان الكتاب غير متاح إلا بدفع مقابل مادي فلا يتمكن طالبه من قراءته إلا بالدفع أولا.
أما عبارة (جميع الحقوق محفوظة) فهي تعني أنه لا يصح لأحد أن يستخدم الكتاب لأغراض تجارية بدون إذن وموافقة المؤلف أو الجهة الناشرة، فطباعة هذه الكتب الالكترونية على شكل كتاب ورقي هو حق حصري لأصحابه، ولا يصح للآخرين القيام بهذا العمل بدون إذن مسبق، وإلا يقع تحت طائلة القانون.
كما تعني أنه لا يصح أن يقتبس أحد من الكتاب إلا بتوثيق هذا الاقتباس بالإشارة إلى مصدره، وإلا يعد سرقة علمية.
وحق المؤلف في الاستئثار بطباعة كتابه ونشره والاستفادة المادية منه هو أحد الحقوق المعنوية ، حيث تعترف الشريعة الإسلامية بالحقوق المعنوية ومنها حق التأليف.
ويمكن تقسيم حق التأليف إلى قسمين:
1_ الحق المعنوي، بحيث يجب نسبة المُؤَلَّف/الكتاب إلى صاحبه، ويحرم على غيره أن ينسبه لنفسه، لأن هذا يعد سرقة محرمة. فلا يصح لأحد أن ينسب كتابا لنفسه لم يقم هو بتأليفه، والنهي في كتاب الله تعالى عن مثل هذا التصرف وارد في الآيتين التاليتين:
﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: 3]
﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [آل عمران: 188]
2_ الحق المادي، وهو معتبر شرعا لما يلي:
أ_ لأن المنافع تعتبر أموالاً باعتبار المآل، ولا ريب أن الإنتاج الذهني يمثل منفعة من منافع الإنسان، فيعد مالاً تجوز المعاوضة عنه.
ب_ العرف العام جرى على اعتبار حق المؤلف في تأليفه وإبداعه. وليس ثمة دليل شرعي يبطل هذا العرف، حيث إن العرف معتبر فيما لا يخالف الشرع.
ج- منع المؤلف من الانتفاع بإنتاجه المعرفي قد يشكل عائقا أمام الابداع، وهذه مفسدة تضر بالعلم.
د- أن في حفظ حق المؤلف مصلحة للمؤلف، والمصلحة مرعية في الدين وتُبنى عليها الأحكام؛ لأنها من مباني العدل والحق.