السؤال:
السادة الأفاضل.. ما رأيكم في حديث الذباب الذي روته كتب الحديث ومنها البخاري وهو عند أهل السنة في أعلى درجات الصحة؟ فهل حقا يؤيده العلم الحديث كما يدعي المؤيدون أن جناحي الذبابة فيهما داء ودواء؟ وهل لكم بحث في سنده ورواته يؤيد بطلانه؟ أم قد يكون الحديث صحيحاً ولكنها رخصة لأهل ذلك الزمن لأن الطعام والشراب قليل عندهم؟ جزاكم الله خيرًا.
الجواب:
في البداية وقبل الإجابة عن هذا السؤال نود أن نطرح بعض التساؤلات على من يدَّعي ذلك القول ونرجو منه الإجابة عليها:
- إن كان الذباب بهذا الوصف فلماذا يعلمون الطلاب في مدارسهم أنه ينقل الأمراض وأنه سبب رئيسي في نشر الأوبئة والعدوى بسبب وقوفه على القاذورات والنجاسات؟!
- لماذا يغطون طعامهم وآنيتهم ولا يتركونها مكشوفة للذباب الذي لن يترك داء بفضل الدواء على جناحه الآخر!
- لماذا تتنافس المصانع وشركات الأدوية في صناعة المبيدات الحشرية التي تقضي على الذباب ويشتريها الناس حتى المؤمنون بصحة الحديث؟!
إن كان هناك جواب على تلك التساؤلات فليأتونا به، وإن لم يجدوا فليستمعوا الجواب ممن أنزل الكتاب جل وعلا.
إن حديث الذبابة وأشباهه كحديث بصق النبي في الطعام وأثر المني في ثوبه وما روي في فوائد بول الإبل فكلها _مع الأسف الشديد_ انعكست على صورة الدين وجعلت من الرسول الكريم رجلًا يدعو إلى الرجز ﴿حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ﴾ والذي ناداه ربه قائلًا ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ . وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ المدّثر (4: 5) ثم يأتي بعد ذلك من يفتري عليه ما قيل في حقه!!
وحتى يصدق الناس مثل تلك الأكاذيب والافتراءات ألبسها بعض شياطين الإنس في عصرنا الحالي ثوب العلم تحت شعار (الإعجاز العلمي) وزعموا أبحاثًا ملفقة لا تمت للعلم بصلة حيث ادعوا بأن نتائج هذه الأبحاث وافقت الروايات منذ 1400 سنة، كي يقنعوا بها البسطاء ويصرفوهم عن كتاب الله تعالى ، والصحيح أن العلم يبحث في كيفية تجنب الأمراض التي تسببها تلك الحشرة، وهذا هو ما أثبته كتاب الله تعالى وصدق عليه العلم وليس العكس كما سيتبين.
ولو اتبع المؤمنون كلام الله تعالى وجعلوه حكما على كل ما يسمعونه لوجدوا الحق فيه واضحًا جليًا؛ لأنه سبحانه يقول:
﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ الفرقان (33)
فلو أراد الله تعالى أن يذكر لنا قيمة جناح الذباب الذي في أحده الداء وفي الأخر الدواء لفعل خاصة أن كتابه الكريم لم يخل من ذكر الذباب.
ولكن الغريب أن ما جاء في كتاب الله تعالى هو العكس تمامًا، فقد جاء في الآيات ما يبطل زعمهم ويدحض حجتهم في قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ، وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ، ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ الحج (73)
فالآية الكريمة ضربت المثل على ضعف الإنسان في خلق أضعف المخلوقات، بل الأدهى أن هذا المخلوق الضعيف لو سلب من الإنسان شيئًا فإنه لا يستطيع إنقاذه منه، فلو سقط الذباب على طعام أو شراب فلن يستطيع أحد أن يعيد ما وقع عليه الذباب إلى حالته السليمة قبل أن يفسده.
ولو كان الذباب في أحد جناحيه الداء وعلى الآخر الشفاء كما زعموا لاستطعنا أن ننقذ ما أفسده!!
وكذلك بالنسبة لبول الإبل[1] قَالَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَىٰ:
﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً، نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ﴾ النحل (66)
فذكر تعالى الشراب الوحيد المستخرج من الأنعام الذي يصلح للشاربين.
ولنا أن نقيس على ذلك كل ما قيل في حق النبي الكريم ويتعارض مع خُلقه الكريم وطهارته ونوجه لأنفسنا ذلك السؤال الذي يوجهه لنا رب العالمين:
﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ، فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ الجاثية (6)؟!
وأيهما أولى بالاتباع، ما تقوَّلته تلك الروايات أم ما يقوله أصدق القائلين في كتابه الكريم؟
﴿نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾؟!
وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين والفطرة
الموقع: حبل الله www.hablullah.com
الباحثة: شيماء أبو زيد
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] انظر فتوى (التداوي بألبان الإبل وأبوالها) https://www.hablullah.com/?p=3167