السؤال:
لماذا تراودنا أحيانا شكوك بوجود الله تعالى بالرغم من كوننا مؤمنين ومتمسكين بديننا؟
الجواب:
لا يوجد مخلوق إلا ويشعر بوجود الله تعالى، ويرى بأم عينه آثار وجوده في خلقه، في نفسه والآفاق من حوله، فكل شيء كائن يشهد على خالقه ومدبر أمره، لهذا لم يأت أحد الأنبياء ليثبت للناس وجود الله تعالى، لأنه من المسلمات التي تستقر في القلوب، حتى الذين يزعمون أنه لا وجود لله سبحانه يدفعهم إلى هذا الزعم ليس القناعة بعدم وجوده وإنما التهرب من مقتضيات قبولهم واعترافهم بوجوده تعالى، فبدلا من تقديسهم لله تعالى وانقيادهم لحكمه فإنهم يقدسون أنفسهم ويجعلون من أهوائهم آلهة يعبدونها. فهذا هو الدافع الرئيسي للإلحاد.
أما المسلم الذي تراوده الشكوك بوجود الله تعالى فتلك من وحي الشيطان ليصد الناس عن توحيد الله وعبادته، فعندما تم طرد الشيطان من رحمة الله أقسم على أن يضل الناس عن الصراط المستقيم، وقد ورد هذا في قوله تعالى:
﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ. ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 16-17]
فالشيطان موقن بوجود الله تعالى لكنه أنكر حقه في الأمر والنهي، وهو بذلك جعل من نفسه إلها، فاستحق الطرد من رحمته سبحانه.
والمخرج من هذه الوسوسة هو الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، كما جاء في قوله تعالى:
﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 200-201]
واعلم أن الشكوك تعالج بالعلم، وأعظم العلم نجده في كتاب الله تعالى، بشرط أن نقرأه بتدبر وفهم، وبنية العمل والتطبيق. قال الله تعالى:
﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9]
وأن الصحبة الصالحة ومجالسة أهل العلم تعلي الهمة وتقوي الإيمان وتبدد الشكوك، لهذا أوصى الله تعالى بها في كتابه، فقال جل شأنه:
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: 28]