السؤال:
ما مدى صحة حديث تحريم الجمع بين الخالة وابنة أختها أو العمة وابنة أخيها في النكاح، لأني كلما ناقشت أحدا أن النبي لا يحلل ولا يحرم من عند نفسه استدل بهذا الحديث.
الجواب:
حديث تحريم الجمع بين الخالة وابنة أختها أو العمة وابنة أخيها هو صحيح نظرا لموافقته الحكمة ، ذلك أن العلة الموجبة لتحريم الجمع بين الأختين موجودة في الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها.
يقول عبد الرحمن السعدي : “هذه الآيات الكريمات مشتملات على المحرمات بالنسب ، والمحرمات بالرضاع ، والمحرمات بالمصاهرة ، والمحرمات بالجمع ، وعلى المحللات من النساء … وأما المحرمات بالجمع ، فقد ذكر الله الجمع بين الأختين وكذلك كل امرأتين بينهما رحم محرم ، لو قدر إحداهما ذكرًا والأخرى أنثى ، حرمت عليه ، فإنه يحرم الجمع بينهما ؛ وذلك لما في ذلك من أسباب التقاطع بين الأرحام” (تفسير السعدي 1/ 173).
ومثل ذلك فقد عد القرآن الكريم العم بمنزلة الأب في قوله تعالى:
﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: 133]
فإسماعيل هو عم يعقوب عليهما السلام، لكن الآية ذكرته مع الآباء لقرب درجته وعلو مكانته، وكذلك العمة والخالة هما بمنزلة الأم فلا يصح الجمع بينهما في نكاح واحد، ألا ترى أن الخالة والعمة تقوم إحداهما مقام الأم في حضانة الصغير عند فقد أمه؟ ومن هذا المنطلق القرآني ورد حديث نبينا الكريم بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، فالحديث حكمة مستنبطة من الكتاب وليس قولا يخالفه.