السؤال:
أسرة مكونة من أب وأم وستة أولاد ذكور وإناث،
توفى الأب _رحمه الله_ وترك لهم بيتا شارك في بنائه الأب والأم وجميع الأبناء بمبالغ مالية مختلفة كلٌ حسب استطاعته، ولكثرة المشاكل بين الورثة طالبت الأم وبعض الأبناء بميراثهم الشرعي في هذا البيت بحيث يتم ببيع البيت وتقسيم ثمنه على جميع الورثة كل حسب نصيبه الشرعي تجنبا للمشاكل ورغبة الأم في الحصول على نصيبها لعمل مشروع خيري تنتفع به في آخرتها، لكن باقي الأولاد رفضوا هذه الفكرة طمعا منهم بأن لا تحصل الأم على نصيبها وأن يرثوها بعد موتها، فأوصت أولادها بأن يعملوا لها بعد موتها بنصيبها من الميراث في هذا البيت مشروعا خيريا ينفعها في آخرتها وأن لا يرثها أحد منهم بعد موتها.
فهل الأبناء ملزمون بتنفيذ وصية الأم هذه بعد موتها؟.
الجواب:
لا يجوز عرقلة تقسيم التركة لأغراض شخصية، لأن هذا من قبيل أكل أموال الناس بالباطل الذي حذر الله تعالى منه في كتابه بقوله:
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾ [النساء: 29]
فالأصل المسارعة في تقسيم تركة المتوفى وإعطاء كل ذي حق حقه، فكل تأخير لا يصب في مصلحة الورثة لاحتمال ظهور مشكلات جديدة كلما تأخر التقسيم، نظرا لتحفز الورثة لأن يأخذ كل منهم شيئا بعينه قد يرغب به غيره، لكن التقسيم بعد الوفاة مباشرة يكون أسهل نظرا لحالة الحزن على الميت واعتبارا بالموت الذي سيصيب كل واحد فلا ينفعه المال ولو عظم.
لقد أخطأ هؤلاء الأولاد بحرمان أمهم من ميراث زوجها الذي كتبه الله لها، فخسروا بذلك رضاها، وحرموها من فعل الخير الذي نوته، وكفى بذلك من إثم عليهم.
لكن الأم إذا ماتت وكانت قد أوصت الأولاد بأن يعملوا بنصيبها من ميراث زوجها عملا خيريا فلا أدري كيف سينفذون تلك الوصية وهم حرموها من أن تقوم به بنفسها. لكن تنفيذهم لوصية أمهم يصبح لازما في أعناقهم ويأثموا مرة أخرى في حال عدم تنفيذهم لها.
ولو كانت الأم لا تريد أن تقوم بهذا العمل الخيري حال حياتها لكنها أوصت أولادها أن يقوموا به بعد موتها فإنه لا يلزمهم تنفيذ تلك الوصية إلا أن يرضوا بها، فيكون لهم أجر ذلك العمل ويكون لأمهم أجر الوصية به والحض عليه.
