السؤال:
هل يعاقب الله الأبناء على أخطاء والديهم؟ ماذا يفعل الولد إذا لم يكن من الممكن منع أخطاء والديه؟
الجواب:
إن مبدأ فردية الحساب أمر أساسي في ديننا، وعلى هذا فإن من فعل منكراً فإنه يصبح مسؤولا عنه، وهذه المعصية لا تلزم أحداً غيره، فلا أحد مسؤول عن أخطاء شخص آخر ومعاصيه. قال الله تعالى:
﴿أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى. وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى. أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى. وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى. ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى﴾ [النجم: 36-41]
﴿مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 15]
لذلك فالمرء ليس مسؤولاً عن أخطاء والديه. ومع ذلك، يجب عليه تحذيرهم وإنذارهم باستمرار ومحاولة منع أخطائهم قدر الإمكان. ولنا في إبراهيم عليه السلام مثالا حسنا وهو يحاول منع ضلال والده:
﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا. إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا. يَاأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا. يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا. يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ﴾ [مريم: 41-45]
فإن فعل الابن واجب النصح لوالديه فلن يكون مسؤولاً عن أفعالهما، ولا يمكن تحميله وزر أفعالهما لأن هذا خارج وسعه. قال الله تعالى:
﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ [البقرة: 286]
والحالة التي يكون فيها الشخص مسؤولا عن أخطاء غيره ويحاسب عليها هي إن كان قد تسبب في إضلال الغير، فيأخذ وزرا كوزرهم، لقوله تعالى:
﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ [النحل: 25]
