السؤال:
لدي سؤالان فكرت فيهما كثيراً، وبحثت كثيراً فلم أجد إجابة شافية.
الأول:
بما أن الملائكة تلعن المرأة إن لم تعط زوجها حقه الشرعي بالفراش دون سبب أو عذر مقبول، فهل تلعن الملائكة الرجل أيضاً إن لم يعط الزوجة حقها الشرعي بدون أي عذر مقبول؟
الثاني:
من حقوق الزوج على زوجته وهو ألا تأذن الزوجة لمن يكره الزوج دخوله إلى البيت ، فهل يسقط هذا الحق اذا كان البيت باسم الزوجة؟ لأنه أتى بـ”بيت الزوج” فماذا عن إذا كان البيت هو بيت الزوجة؟
جزاكم الله خيرا.
الجواب:
علينا أن نتفق أولا أن الملائكة لا تلعن الزوجة إذا امتنعت عن زوجها في الفراش كما أنها لا تلعن الزوج إن امتنع عن زوجته في الفراش أيضا، لأن اللعن هو الطرد من رحمة الله تعالى، ولا يستحقه إلا عتاة الكفار والمنافقين والكاذبين. فاللعن لم يرد في كتاب الله تعالى على الذين يرتكبون المخالفات الشرعية، وما ذكرته السائلة لا يرقى لدرجة المخالفة الشرعية أصلا، وإنما يندرج في سوء المعاملة حيث يأثم الزوج أو الزوجة إذا امتنع عن صاحبه دون عذر وبقصد الإضرار بزوجه، لكن هذا الإثم لا يصل إلى درجة اللعن.
*ويمكن التوسع في هذه المسألة بقراءة الفتوى المتعلقة (هل تلعن الملائكة الزوجة إذا امتنعت عن زوجها؟) على الرابط التالي https://www.hablullah.com/?p=2822
أما بخصوص عدم إذن الزوجة بدخول من يكرهه الزوج إلى البيت فليس متعلقا بملكية البيت البتة، وإنما متعلق بمسؤولية الزوج في حصانة وحماية زوجته، لأن الله تعالى جعل الزوج مُحصِنا (باسم الفاعل) ﴿مُحْصِنِينَ﴾ [النساء: 24] والزوجة مُحصَنة (باسم المفعول) ﴿مُحْصَنَاتٍ ﴾ [النساء: 25] ومن هنا ورد في الحديث الشريف عدم جواز أن تُدخل المرأة بيت الزوجية من يكرهه الزوج، فكراهة الزوج أن يدخل شخص بيته نابع من حرصه على زوجته. طبعا هذا في الغالب، وقد يكون في الزوج وسواس من معظم الناس، فهذه مسألة أخرى.
أما إن كان هذا الشخص محرما على الزوجة فلا يصح للزوج منعه أو الاعتراض على دخول بيته، لأن هذا من قطيعة الرحم التي حذر الله تعالى من قطعها بقوله:
﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]
﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾ [محمد: 22]
ولا بد أن نشير أن الاستئذان مبدأ إسلامي مذكور في كتاب الله تعالى، وهو خلق المسلم الحق سواء أكان ذكرًا أم أنثى، وليس الهدف من تشريعه التسلط أو التجبر، وإنما ربط المؤمنين وجمعهم على يد واحدة، قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ:
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ، إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (النّور 62)
فالاستئذان بين الزوجين يخدم ترابط الأسرة وتماسكها وحمايتها من الاختراق والتدخلات الخارجية.
*وللمزيد حول مسألة الاستئذان ننصح بالاطلاع على المقالة ذات الصلة (لماذا تستأذن الزوجة من زوجها عند خروجها من البيت؟ وهل يستأذن الرجل زوجته عند خروجه؟) على الرابط التالي https://www.hablullah.com/?p=6449