السؤال:
بينما كنت أقرأ في سورة الأنعام قرأت قوله تعالى :” أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة” فوقعت في حيرة؛ أليس الله لا ذكر ولا أنثى ؟ وهل معنى أن ليس له صاحبة ليس له زوجة إذا هو ذكر؟! أرجو الرد لأخرج من حيرتي وأخاف أن أكون بسؤالي قد تجاوزت حدودي مع الله أو أكون في ضلال ولكن لم أستطع أن أخرج هذا السؤال من رأسي و شكرا لكم.
الجواب:
لا بأس بأن يسأل المسلم عما يشكل عليه فهمه في دين الله تعالى.
الآية التالية تبين بشكل واضح أن الله تعالى لا يشبه شيئا من خلقه:
﴿فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11]
ولا يصح أن يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه في كتابه الكريم، فما يجب الإيمان به أن الله تعالى متفرد في ذاته ولا يشبه شيئا من خلقه، بناء على ذلك فإن كل افتراض فيما يخص ذات الله فيما لم ينبئ عباده عنه هو افتراض خاطئ، كأن يفترض أن الله تعالى ذكر أو أنثى، لأن تلك الصفات من صفات المخلوق لا من صفات الخالق، فهو سبحانه أعظم وأجل وأعلى من أن يوصف بمثل هذه الصفات.
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]
أما قوله تعالى:
﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الأنعام: 101]
فهو رد على من ادعى أن لله ولدا في الوقت الذي نسي فيه أن يدعي بأن له زوجة، وهذا من قبيل الرد على المدعي من جنس دعواه، فهذا لا يقرر أنه سبحانه وتعالى ذكر، بل إنه في هذه الآية والآيات التي ذكرناها سابقا تقرر أنه سبحانه لا يجري عليه ما يجري على جملة البشر في ذات نفسه سبحانه.
ثم إن طرق المعرفة التي يتوصل بها الإنسان إلى معرفة الشيء إما أن تكون بمعاينة هذا الشيء وإدراكه بالحواس، وهذه مستحيلة في حق الله تعالى ؛ لقوله تعالى:
﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 103]
أما استعمال صيغة المذكر عند ذكر اسم الله العظيم فلا يعني أنه ذكر، لأنه لا يوجد في العربية غير التعبير بصيغتي المذكر والمؤنث، لكن استخدام هاتين الصيغتين لا يقتضي كون العائدات عليه ذكر أو أنثى، كما أن أصل الكلام في العربية مذكر، فكل كلمة لا تدل على التأنيث حقيقة أو مجازا يستعمل لها صيغة المذكر.