السؤال
قال الله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [هود: 6]
هل يرزق الله تعالى الدواب فقط أم أن معنى الدواب هنا جميع الحيوانات؟ وإذا كان فكيف؟ أما إذا لم يكن فهل معنى هذا أن ليست هناك ضرورة من الأساس لذكر رزق الله للحيوانات كمثال، وقد ذكر الرزق هنا الدواب كآية؟
الجواب:
المقصود بالدابة في الآية هو كل حي يدب على الأرض ويشمل ذلك الإنسان والحيوان وجميع الكائنات الحية، ويؤيد هذا قوله تعالى:
﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [العنكبوت: 60]
وقد سمى الله المدار الذي تسير فيه الشمس دون انحراف إلى جهة أخرى “مستقرا” (يس 36/ 38). والمستقر في هذه الآية هو الأرض، وهي السكن الدائم الذي تتجول فيه الكائنات الحية لطلب الرزق لمدة معينة من الزمن. “والمستودع” هي الأماكن التي ستبقى فيها تلك الكائنات بعد الموت إلى يوم يبعثون، حيث سيتم بعث جميع الكائنات الحية مثل البشر (الأنعام 38، الأعراف 57، التكوير 5). وقد ورد نفس اللفظين في سورة (الأنعام 98) حيث تقسم أماكن بقاء البويضة الملقحة طوال رحلتها إلى قسمين: “مستقر ومستودع”، المستقر هو القناة التي تنتقل من خلالها البويضة المخصبة من لحظة الإخصاب حتى وصولها إلى الرحم. والمستودع هو الرحم الذي يبقى فيه الجنين حتى يترك جسد الأم بعد الولادة.
إن رزق الله تعالى للمخلوقات جميعها لازم لربوبيته فهو الخالق المتكفل برزق خلقه، لكن الرزق لا يسوقه الله تعالى جاهزا إلى خلقه، بل يحصلون عليه بالسعي والبحث في الأرض والأخذ بالأسباب كما أرشدت الآيات، ومن ذلك قوله تعالى عن تحصيل البشر لرزقهم:
﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15]
فقد جعل الله تعالى الأرض مذللة لخلقه لتحصيل أرزاقهم، ولفهم طبيعة هذا التذليل يمكن عقد مقارنة بين الأرض كمكان صالح للحياة وبين الكواكب الأخرى التي لا تصلح لها، فالسعي في الأرض المذللة يأتي بنتائج طيبة في الرزق بينما السعي على كوكب آخر لا يأتي بأي نتيجة، والسبب أنها غير مذللة كما الأرض.
والحيوان كالإنسان يأتيه رزقه بالسعي وإن اختلفت طبيعة السعي بينهما، لكن المطلوب واحد.