السؤال:
أعيش في ألمانيا منذ زمن، وأمتلك مطعما وأديره. وكثير من الزبائن يطلبون الخمرة بعد الطعام، فما حكم بيع الخمر في بلد غير إسلامي مثل ألمانيا علما أن بيعه يدرّ دخلا إضافيا للمطعم؟
الجواب:
لا يجوز بيع الخمر في أي بلد تعيش فيه حتى لو كان بلدا غير إسلامي، فأوامر الله ونواهيه لا تختلف باختلاف البلد! فالفعل المحرم في بلد ما لا يمكن أن يكون حلالاً في بلد آخر، لأن الحرام حرام في كل مكان.
ثم إن الله تعالى عندما حرم الخمر (المسكرات) استخدم لفظاً عاماً في التحريم وهو: “اجتنبوه” بدلاً من لفظ خاص مثل “لا تشربوها” أو “لا تتعاطوها”. قال الله تعالى:
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: 90]
اجتناب الشيء يعني أن تبقى بعيدا عنه، أي الحفاظ على مسافة بينك وبينه. نعم ربما يكون صاحب مطعم لا يشرب الخمر، لكنه إن قدمها للزبائن فلن يكون ممن اجتنبوه، بل ممن اقتربوا منه كثيرا وساعدوا غيرهم على معاقرته، فيكون بذلك قد وقع في المحظور.
وقد جاء في رواية أنس رضي الله عنه ما يلي:
«لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الخَمْرِ عَشَرَةً: عَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا، وَالمُشْتَرِي لَهَا، وَالمُشْتَرَاةُ لَهُ»[1]
وعلى ضوء ما ورد في الآية والحديث، فينبغي للمسلمين أن ينتبهوا إلى الحلال والحرام أينما كانوا، وأن ينفذوا أوامر الله تعالى، بل إن المسلمين الذين يعيشون في بلدان غير المسلمين يقع عليهم إعطاء القدوة الحسنة بتمسكهم بدينهم واعتزازهم بتعاليمه، فإن فعلوا كانوا دعاة إلى الله تعالى من حيث لا يشعرون، لأنهم يفتحون عيون غير المسلمين على الإسلام فيكونون بذلك سببا في بحثهم عن الدين الحق وربما الاهتداء إليه.
*ننصح بقراءة موضوع (الربا في دار الحرب) وهو مهم جداً لبيان أن الحرام لا يختلف من بلد إلى آخر، من الرابط التالي https://www.hablullah.com/?p=1143
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] سنن الترمذي (3/ 581 ت شاكر) سنن ابن ماجه (4/ 469 ت الأرنؤوط)، اللعن هو الطرد من رحمة الله تعالى، وهو إعلان الشخص خارجا من دينه سبحانه، وبالتأكيد فإن بائع الخمرة أو مقدمها يكون آثما إلا أنه لا يكون قد خرج من الدين ليستحق اللعن أي الطرد من رحمة الله، وبناء عليه فلا بد أن يكون اللعن الوارد في الحديث من تصرف الرواة، خاصة إذا علمنا أن أقوال النبي صلى الله عليه وسلم لم تُنقل حرفيّا بل نُقلت بالمعنى، وربما تتغير الألفاظ من راو إلى آخر، فالحديث بأصله صحيح ومتوافق مع ما قرره القرآن الكريم من ضرورة اجتناب الخمرة مع ضرورة الانتباه للفظ اللعن فيه.