السؤال:
ما المقصود بقوله تعالى “جعل منهم القردة والخنازير” هل كان مسخا حقيقيا أم مجازيا بالصفات؟ جزاكم الله خيرا
الجواب:
الآية موضع السؤال هي قوله تعالى:
﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾ [المائدة: 60]
والآية التالية توضح أن الذين مسخوا قردة وخنازير هم الذين اعتدوا في السبت من اليهود[1]:
﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ. فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 65-66]
والظاهر ان المسخ كان معنويا لا حقيقيا، لقوله تعالى:
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾ [النساء: 47]
فهذه الآية توضح أن اللعنة التي حلت بمن اعتدوا في السبت حولتهم إلى مطرودين منبوذين كما لو كانوا قردة وخنازير، وهي حيوانات قليلة الشأن قبيحة التصرف، يبعدها الناس عن مجالسهم، وهو معنى اللعن الذي هو الطرد والإبعاد، وهذا متوافق مع الطمس على الوجوه المذكور في الآية. فجعلهم قردة وخنازير لم يكن تحولًا جسديًا خاصًا بهم، ولكنه شكل من أشكال الإقصاء ينطبق على كل من يظهر سلوكًا مشابهًا (النساء 4/47).
وفي الآية تحذير لأهل الكتاب من الإعراض عن كتاب الله الأخير (القرآن)، لأنهم سيواجهون اللعنة التي حلت بأسلافهم الذين خالفوا في السبت.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] نص التوراة فيما يتعلق بمنع العمل في السبت هو كما يلي: “احفظ السبت وقدسه، حسب قول الرب إلهك. ستعمل لمدة ستة أيام وتقوم بكل أعمالك. وأما اليوم السابع فهو سبت لي للرب إلهك. في ذلك اليوم، لا تعمل عملا ما أنت وابنك وابنتك وعبدك وخادمتك وثورك وحمارك وكل بهيمة، بما في ذلك الغريب الذي بينكم،. لكي يستريح عبيدك وإماؤك أيضًا مثلك». (التثنية 5: 12-14)