السؤال:
هل يجب عليّ أن أنكر على كل من رأيته أو سمعته يعمل عملا محرما، فعندما أمشي في الشارع أو أجلس في الجامعة أسمع الناس من حولي يغتابون أو يسبون إلخ…
أو حتى عندما أتحدث مع أي شخص يكاد يكون مستحيلا ألا يقع في محرم أثناء كلامه. فما هو العمل؟ وشكرا لكم
الجواب:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهمَّة تقع على كلّ مسلم قادر عليها بقدر وسعه وضمن حدود تأثيره بمحيطه. وهذا الوجوب منضبط بثلاث محددات:
الأول: أن يكون عالما بالمعروف والمنكر؛ لأنه إن لم يكن عارفا بهما لم يصح له أمر ولا نهي؛ إذ لا يأمن أن ينهى عن المعروف ويأمر بالمنكر[1].
الثاني: الوسع؛ وهو أن يكون قادرا على توصيل النصح للسامعين دون أن يلحق به أذى.
الثالث: إمكانية امتثال المنصوح للنُّصح، فقد يكون المقصِّر أو فاعل المنكر في حالة من الإعراض تجعله يرفض أي نوع من التَّوجيه. لذا يقول الله تعالى {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} (الأعلى 87/9) فإن غلب على الظنِّ عدم انتفاع المنصوح بالنَّصيحة أو أنَّه سيتطاول بالذَّنب فإنَّ الكفَّ عنه أولى. وجماع القول هو أن لا يؤدي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى منكرٍ أشدَّ.
وعلينا التنويه هنا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غير محصورين في الدعوة بقولنا للآخرين (افعل أو لا تفعل) وإنما أولى مراتب الدعوة تكون بالتطبيق وإعطاء القدوة، فالمسلم الذي يراعي حدود الله تعالى في كلامه وتصرفاته فإنه يكون قدوة للآخرين في التزام الحق، ولهذا كان نبينا الكريم قدوة للمؤمنين في خلقه وسلوكه، وقد أمرنا سبحانه أن نتأسى به بقوله:
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] البيان والتحصيل، 9/360