السؤال:
هل للمرأة المعتدة من الطلاق الرجعي حق رفض العودة إلى زوجها إذا أراد زوجها رجعتها؟
الجواب:
الرابطة الزوجية تبقى قائمة أثناء العدة من الطلاق الرجعي، وهذا يعني أن الرجوع إلى الزوجة لا يحتاج إلى إجراءات خاصة؛ لأن عقد الزواج ما زال قائما، فمن الطبيعي أن ترجع الزوجة إلى بيت الزوجية إلا إذا رفضت فتلك مسألة أخرى قد يترتب عليها أن تطلب الزوجة الافتداء كما سنبينه بعد قليل.
المعتبر في الرجعة هو حسن نية الزوج المعزَّزة بالقرائن. يقول الله تعالى:
﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ، وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ [البقرة: 231]
يستطيع الزوج إرجاع زوجته أثناء عدتها من الطلاق الرجعي إذا كان مقصده تصحيح الأمور وإدامة الحياة الزوجية بالمعروف.
على سبيل المثال: إذا طلق الرجل زوجته ثم أعادها إليه قبل نهاية العدة ثم طلقها مرة أخرى، فإن هذه العودة تُعتبر باطلة، وعند انتهاء فترة العدة تُنهى العلاقة مع الزوجة ويدفع لها كامل المهر.
وجماع القول أنه لا يمكن للرجل أن يرجع إلى زوجته لإيذائها أو لتمديد فترة العدة.
إذا اتفق الزوجان على الرجوع فلا يجوز لولي الزوجة ان يقف حائلا دون تنفيذ رغبتيهما، يقول الله تعالى:
﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ، ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 232]
ينهى الله تعالى ولي الزوجة أن يعضلها/يمنعها من العودة إلى زوجها إذا اتفقا على الرجعة بالمعروف.
إذا كانت نية الزوج تصحيح الأخطاء لكن الزوجة رفضت أن تعود إليه فهنا يأتي دور الحكمين في الإصلاح:
﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ [النساء: 35]
إن أصرت الزوجة على عدم الرجوع بالرغم من جهود الحكمين فلها حق الافتداء من زوجها بأن تعيد إليه جزءا مما أعطاها، وعندها تنتهي العلاقة الزوجية بإشراف الولي وحضور الشاهدين. قال الله تعالى:
﴿وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ، تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: 229]
وقوله تعالى (مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ) يدل بوضوح أن ما يأخذه الزوج عند الافتداء هو بعض ما آتاها وليس كله.
*ولمعرفة التفاصيل المتعلقة بالطلاق والافتداء كما فصلهما القرآن الكريم ننصح بقراءة المقالتين التاليتين:
(الطلاق: حق الزوج في أن يفترق عن زوجته) https://www.hablullah.com/?p=1476
الافتداء (حق الزوجة في إنهاء الحياة الزوجية) https://www.hablullah.com/?p=1475