حبل الله
مصطلح المكروه في كتاب الله تعالى

مصطلح المكروه في كتاب الله تعالى

السؤال:

وفقًا للفقه الإسلامي التقليدي، يُعرَّف المكروه بأنه شيء لا ينبغي القيام به، وإن لم يصل إلى درجة الحرام. لكن في الآية 38 من سورة الإسراء والآيات السابقة يُطلق المكروه على المحرمات التي يجب عدم القيام بها بتاتًا. إذًا، ألا يكون من الأكثر دقة أن نعتبر المكروه شيئًا ممنوعًا بشكل قاطع؟

الجواب:

إن ما ذكره السائل الكريم صحيح تمامًا حيث يطلق المكروه في كتاب الله تعالى على المحرمات وكبائر الإثم والفواحش بدليل قوله تعالى:

﴿كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا﴾ الإسراء (38)

وقوله ﴿كُلُّ ذَٰلِكَ إشارة إلى التفصيل الذي سبقه من عقوق الوالدين:

﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾ الإسراء (23)

والتبذير:

﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ الإسراء (26)

والبخل أو الإسراف:

﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ..﴾ الإسراء (29)

وقتل الأولاد:

﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ..﴾ الإسراء (31)

والزنا:

﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا..﴾ الإسراء (32)

وقتل النفس:

﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ..﴾ الإسراء (33)

وأكل مال اليتيم:

﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ..﴾ الإسراء (34) ..

إلى غير ذلك من المكروهات التي ذكرتها الآيات الكريمة.

لكن أكثر الفقهاء أطلقوا لفظ المكروه وعرفوه بــ (أنه الفعل الذي ينبغي تركه، ولكن لا يأثم من فعله) وضربوا عليه أمثلة ما أنزل الله بها من سلطان مثل (كراهية الأكل متكئا وكراهية الشرب من فم القربة ونحوها، وكراهية النفخ في الشراب.. إلخ)

وما ذهب إليه هؤلاء الفقهاء من تعريف المكروه مخالف لما جاء في كتاب الله تعالى لفظًا ومعنى، وكان الأحرى بهم أن يتخيروا اللفظ حتى تُسمى الأشياء بمسمياتها من إطلاق المكروه على الكبائر والمحرمات، كي لا يُستهان بأفعال كرهها الله تعالى وحرمها علينا بنهيه الصريح عنها وخلطها بأمور بعيدة كل البعد عنها.

فعلى سبيل المثال كان يمكنهم أن يستخدموا صيغة (لا يُفضل) فعل كذا وكذا بدلًا من قولهم (يكره) وذلك لعدم خلط تلك الأمور البسيطة التي لا علاقة لها بالمحرمات ولا تندرج حتى تحت اللمم بالمحرمات، لأن اللمم إثم لكنه لم يرقَ إلى كبائر الإثم، أما الأمثلة التي ذكروها تعود إلى حرية الإنسان وعاداته ولا تحمل إثمًا أو ذنبًا، وبالتالي لا يجب أن نصفها بالمكروه ولا حتى باللمم.

*وقد أشرنا في فتوى سابقة إلى الفرق بين المكروه (كبائر الإثم) وبين اللمم، حيث يمكنكم الاطلاع على تلك الفتوى من خلال الرابط التالي https://www.hablullah.com/?p=8917

الباحثة: شيماء أبو زيد

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.