حبل الله
التأمين على السيارات

التأمين على السيارات

السؤال:

ما حكم التأمين على سيارتنا الخاصة والمركبات بشكل عام؟ سمعت من يفتي بحرمتها لاحتوائها على المقامرة والفائدة؟ هل صحيح احتواء هذا النوع من التأمين على ذلك؟ وإن كان محرما فما هو البديل المعقول والمنطقي المنسجم مع تعاليم ديننا الحنيف؟ وجزاكم الله خيرا.

الجواب:

يمكن تكييف التأمين على السيارات والمركبات على أنه تبرع مبدئي يقصد منه إصلاح الضرر المحتمل الذي يقع على مجموع المؤمنين في الشركة، وهو يندرج تحت مبدأ التعاون المنظم، وهو يشبه إلى حد كبير المساهمات المالية لصندوق يدعم الطلبة _مثلا_ في العائلة الواحدة حيث يساهم الجميع بمبلغ محدد شهريا أو سنويا على أن يستفيد منه طلاب العائلة، وهنا قد يستفيد المساهم نفسه أو أولاده وقد لا يستفيد لعدم وجود أولاد طلبة عنده.

يقول علي محي الدين قرة داغي: “إن التكييف الدقيق للتأمين التعاوني هو “النهد “ بكسر النون وفتحها الذي يعني : إخراج القوم نفقاتهم على قدر عدد الرفقة ، والتناهد هو : إخراج كل من الرفقة نفقة على قدر نفقة صاحبه ، يقال ، تناهدوا ، وناهد بعضهم بعضاً ، والمُخْرَجُ يقال له : النهد بالكسر. إن النهد ينطبق تماماً على التأمين التعاوني، حتى لو فرضنا وجود بعض الفروق فإن هذه الفروق ما لم تكن جوهرية فلن تؤثر في القياس، أو التأصيل أو التنزيل والتطبيق ، بل إن العقد برمته لو لم تجد له أصلاً سابقاً فإنه جائز وصحيح ما لم يخالف نصاً من الكتاب والسنة”. انتهى

يُقال “هناك بعض الاستغلال في التأمين وما إلى ذلك”. وهذا صحيح، هناك بعض الأخطاء. لكن هناك حاجة عامة أكبر من الملاحظات حول التأمين، فهو بشكله الحالي نفعه أكبر ضرره، ومع ذلك يمكن تطويره ليكون أفضل، وهذا يدعونا جميعا للعمل على تصحيح تلك الأخطاء، والاجتهاد المستمر للوصول إلى الأفضل سواء على المستوى الفقهي أو العملي، أليس الله تعالى يأمرنا بأن نفعل الأفضل؟ فعلى شركات التأمين أن تجتهد لتقدم الأفضل وتتلافي الأخطاء الموجودة وتحسن الخدمة. لكن حتى ذلك الحين يمكن لصاحب المركبة تأمين سيارته.

ماذا يقول المعارضون للتأمين، أي المخالفون لجوازه؟ يُقال:

  1. التأمين يشبه الفائدة. لأنك مثلا تدفع 1000 ليرة لشركة التأمين وأحيانًا يمكنك الحصول على 2000 ليرة. أو تؤمن سيارتك بـ 1000 ليرة لكن في حالة وقوع حادث كبير يجعل سيارتك غير قابلة للاستخدام، يمكنك الحصول على 50-100 ألف ليرة من التأمين أو أكثر، وهذا يشبه الفائدة.
  2. التأمين يشبه القمار، لأنك تدفع المال لشركة التأمين، وأحيانًا يمكنك الحصول على أكثر مما دفعت؛ لكن أحيانًا لا تحصل على شيء.
  3. هناك أيضًا عدم ثقة في الله تعالى، لأن المؤمن يريد ضمان أن لا يخسر مسبقا، وهذا ضعف ثقة بالله تعالى.

كيف يمكن الرد على أقوال المنتقدين؟

ما يجب علينا الانتباه إليه هنا هو أن أي مشكلة لا يمكن حلها بناءً على النظر في التشابهات. مثلا، إذا جاء مسلم وكافر جنبًا إلى جنب، هل يكون هناك تشابهات في المظهر الخارجي بينهما أكثر أم اختلافات؟ بالطبع، التشابهات: كلاهما لديه يدان، قدمان، عينان، إلخ. لكن هل نقول لأحدهم كافر وللآخر مسلم بناءً على هذه التشابهات؟ لا، بل ننظر إلى الفرق بينهما، وليس إلى التشابهات! فالذين يطلقون الأحكام بناءً على التشابهات سيقعون في نفس خطأ الذين يقولون “إنما البيع مثل الربا” بناء على التشابه بين البيع والربا. لكن الله تعالى قد أحل البيع وحرم الربا، وهذا يعني أن الاثنين ليسا نفس الشيء بالنظر إلى الاختلاف بينهما. لا أحد يقترض المال للدفع الفوري؛ ولكن يمكنه شراء سلعة بالدفع الفوري. وبسبب هذا الفرق، فإن البيع حلال والربا حرام.

يجب أن نلاحظ أيضًا: هل من المعتاد أن يذهب شخص يريد استثمار أمواله في الربا ليضعها في شركة تأمين؟ هل يحدث مثل هذا الشيء؟ وهل الشخص الذي يلعب القمار يذهب ليضع أمواله في شركة التأمين على أمل الربح؟ هل يمكن أن يحدث مثل هذا الشيء؟ كلا، لأن التعامل بالربا وجني الأموال منه محله القروض الربوية، أما القمار فله أماكنه الخاصة.

هل يقوم الإنسان بالتأمين على سيارته لأنه لا يثق بالله؟ حاشا، فإنه لا يخطر ببال أي شخص مثل هذا الشيء! التأمين نوع من التعاون. إذا تعرض صاحب المركبة المؤمنة لحادث سير، فسوف يتم مساعدته وترميم الضرر الحاصل. إذا لم يحصل على المساعدة بسبب عدم تعرضه للحوادث، فسوف يحصل عليها شخص آخر.

وهناك فائدة أخرى لهذا: نرى السائقين الذين يتعرضون لحادث يجلسون بهدوء دون شجار. لماذا؟ لأن هناك شركات تأمين ستعوض عن الأضرار. ماذا سيحدث لو لم يكن الأمر كذلك؟ سيتشاجرون.

بعض الأشخاص يتظاهرون يأن سياراتهم تعرضت لحادث دون أن يحدث ذلك حقًا ويأخذون أموالاً من شركة التأمين بدون وجه حق، وهذا تصرف محرم يقع فيه الإثم على صاحبه، ولكن لا يمكن الحكم بناءً على هذه التصرفات الخاطئة بحرمة فكرة التأمين. فهل من الممكن أن لا تكون هناك أخطاء في المكان الذي يوجد فيه البشر؟ وكيف يتصرف الناس بشكل خاطئ تجاه الآيات الواضحة من الله تعالى؟.

في النهاية، يمكننا القول بأنه لا يوجد أي ضرر في التأمين على المركبات، حتى لو كان هناك بعض الملاحظات السلبية، إلا أن النفع يبقى فيها أكثر من الضرر.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.