حبل الله
هل يقر الإسلام السبي؟ وهل وطء السبية المتزوجة جائز دون عقد نكاح؟

هل يقر الإسلام السبي؟ وهل وطء السبية المتزوجة جائز دون عقد نكاح؟

السؤال:

عندي سؤال بشأن كون وطء السبية المتزوجة حلال.

قرأت بأنها إذا أسرت بمفردها ينفسخ زواجها من وجهة نظر الشريعة التي لا تؤمن بها هذه المرأة فالأقرب للمنطق انها لا ترغب في ذلك. لقد بحثت كثيرا في هذا الأمر و لكن يبدو ان القرآن كان واضحا بجواز ذلك في الآية التي تقول: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ ‌مِنَ ‌النِّسَاءِ ‌إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: 24] .

كذلك فالحرب غالبا ما يقوم بها الرجال فلماذا تعاقب النساء و الأطفال خاصة أن أمر السبي ليس فقط لمن هم في أرض المعركة بل يدخل فيه كل نساء العدو.

أيضا ما ذنب الطفل الذي أُسرت أمه وهي حامل فيه حتى يعيش في العبودية؟

الأمر الأخير هو أليس كون الشخص عبدا نوع من الشرك فالعبودية لله وحده

الجواب:

لا وجود لمصطلح السبي في القرآن الكريم، لكن هناك مصطلح الأسر، والأسر يكون بعد إثخان العدو في أرض المعركة، ولا شك أن خروج النساء إلى المعركة سيعرضهن للأسر ويعاملن معاملة الأسرى من الرجال[1]،. أي أن ما يعرف بالسبي الخاص بالنساء والأطفال لا وجود له في الفقه المستند إلى كتاب الله تعالى. أما النساء التي يصح أسرهن فهن اللاتي خرجن مع جيش العدو وليس كل نساء العدو.

والأسر ضروري لإنهاء المعركة بأقصى سرعة، لأنه لو لم هناك تشريع للأسر سيكون جيش المسلمين المنتصر أمام خيارين:

الأول: مواصلة القتال بعد الإثخان، وهذا سيؤدي إلى فناء العدو عن آخره، وليس هذا غاية الإسلام أصلا، فالمسلمون لا يقاتلون العدو لإفنائه بل لصد عدوانه وإقامة الميزان:

﴿‌وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ، فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [الأنفال: 39]

الثاني: السماح لفلول العدو بالهروب، وهذا سيسمح له بتجميع صفوفه مرة أخرى فيطول أمد الحرب.

ولا شك أن اتخاذ الأسرى يهدف إلى تعجيل إنهاء الحرب، وعدم التهاون مع الأسباب التي تؤدي إلى دوامها.

وقد أمر الله تعالى بالإحسان إلى الأسرى ما داموا في قبضة المسلمين، حيث جعل الحكم فيهم بين خيارين: إما إطلاق سراحهم منا أو بالفدية وذلك عند انتهاء الحرب وتوقيع معاهدة الصلح:

﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا ‌مَنًّا ‌بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ﴾ [محمد: 4] 

ولا يجوز استرقاق الأسرى وجعلهم عبيدا، لأن الآية لم تجعل الاسترقاق أحد الخيارات المتعلقة بعاقبتهم، بل حصرته بخيارين لا ثالث لهما، وهما المن أو الفداء.

وقد يطول بقاء الأسرى وهم في الأسر، ومن الجدير ذكره أن الأسرى في الإسلام يعيشون في رعاية الأسر المسلمة، أي في البيوت وليس السجون التي لا يقر بوجودها الإسلام.

ومن الآثار المترتبة على أسر المرأة أنه ينفسخ زواجها إن كانت ذات زوج بحسب الآية 24 من سورة النساء التي أشير إليها في السؤال، فتصبح قادرة على إنشاء عقد جديد مع آسرها أو غيره، وهذا العقد يتم برضاها وليس جبرا عنها، لذلك لا يصح لآسرها أو غيره أن يعاملها معاملة الزوجة إلا بالعقد الصحيح وبرضاها التام وإعطائها المهر، وهو ما أشارت إليه الآية الكريمة التالية:

﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ ‌طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ، بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ، فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ، ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ، وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النساء: 25] 

نفهم من الآية المسائل التالية:

1_ نكاح الأسيرة مشروط بعدم القدرة على نكاح الحرة

2_ يتم العقد عليها برضاها التام وموافقة أهلها (الذين تعيش معهم)

3_ لها المهر بالمعروف.

4_ أن يكون هدف نكاحها هو الإحصان لا مجرد إشباع الشهوة، وهذا يقتضي أن تيم العقد على التأبيد، وليس مؤقتا.

5_ إذا ارتكبت الفاحشة فعقوبتها 50 جلدة وليس مئة.

6_ الصبر حتى يتمكن من زواج الحرة خير من الزواج من الأسيرة.

هذه هي الأحكام المتعلقة بالزواج من الأسيرات، أما ما ذكر في كتب الفقه من جواز الاستمتاع بالأسيرات دون عقد نكاح ودون التقيد بواحدة لغير القادر على الزواج من المحصنة الحرة فهي أحكام على خلاف نصوص القرآن الظاهرة في هذا الصدد.

*وللمزيد حول هذا الموضوع ننصح بالاطلاع على مقالة أ.د عبد العزيز بايندر (استرقاق أسرى الحرب واتخاذ الجواري) على الرابط التالي https://www.hablullah.com/?p=2742

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  انظر جمال نجم (معاملة الأسير في الإسلام) https://www.hablullah.com/?p=2320

 

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.