حبل الله
هل يستجيب الله لدعاء غير المسلمين؟

هل يستجيب الله لدعاء غير المسلمين؟

السؤال:

هل يستجيب الله لدعوات غير المسلمين؟. هل يحفظ الله المسيحيين مثلا أو اليهود عندما يدعونه؟ مثلا لو كان مسيحي في محنة وسأل من الله الفرج فهل يستجيب الله له بالرغم من أنه لم يدعوه هو في حد ذاته ، فهم عندما يدعون يقولون “يا مسيح” فهل الله يستجيب لذلك؟

الجواب:

هذا السؤال يتناول مسألة عقائدية مهمة تتعلق بكيفية استجابة الله لدعوات غير المسلمين، بما في ذلك المسيحيين واليهود.

وفقًا للتعاليم الإسلامية، فإن الله هو رب العالمين، والربوبية تعني أن الله تعالى خالق ورازق كل شيء والمتكفل برعاية خلقه، وتلك الرعاية ضرورية للابتلاء فلا يمكن أن يتحقق الابتلاء بدون أن يبقى الإنسان حيا على هذه الأرض:

﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ ‌نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا. إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ [الإنسان: 2-3] 

إن رحمة الله تعالى واسعة، ومن مقتضيات رحمته أنه يسمع دعاء جميع خلقه بغض النظر عن دينهم أو عقيدتهم. قال الله تعالى:

﴿‌وَرَحْمَتِي ‌وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف: 156] 

إن رحمة الله تشمل كل شيء، بما في ذلك غير المسلمين، فقد يستجيب الله لدعائهم كمظهر من مظاهر رحمته أو لاختبارهم أو لتذكيرهم بوجوده، لكن هذا لا يعني أن الله يوافق على عقيدتهم أو عبادتهم.

في بعض الأحيان، قد تكون النية الصالحة أو العمل الصالح سببًا لاستجابة الله للدعاء. حتى لو كان الشخص غير مسلم، فإن الله قد يستجيب له بسبب عمل صالح قام به أو لأنه لجأ إلى الله في حالة من الإخلاص. يقول الله تعالى:

﴿أَمَّنْ ‌يُجِيبُ ‌الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النمل: 62] 

والمضطر قد يكون غير مسلم لكنه توجه إلى الله تعالى بصدق وإخلاص، وهناك مثل في القرآن الكريم على هذا الأمر في الآية التالية:

﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ‌فَلَمَّا ‌نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ. لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت: 65-66] 

هؤلاء المشركون توجهوا إلا الله تعالى في لحظة إيمان وصدق في التوجه، وقد نجاهم الله تعالى بسبب تلك الدعوات الصادقة، ومع ذلك رجعوا إلى شركهم عند وصولهم البر، ولا شك أن هذا يقع على سبيل الإملاء لهم أو لإعطائهم وقتا إضافيا للرجوع إلى الحق:

﴿‌وَلَا ‌تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾ [إبراهيم: 42] 

بخصوص الدعاء لغير الله تعالى بعبارة “يا مسيح” مثلا، فالمسيحيون يعتقدون بأن المسيح هو ابن الله أو حتى تجسيد لله نفسه (حسب الطوائف المختلفة). وهذا يُعد من الشرك بحسب التصور الإسلامي، والشرك ذنب عظيم لا يغفره الله تعالى:

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ ‌يُشْرَكَ ‌بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 48] 

ودعاء الشريك لا يمكن أن يكون مقبولا عند الله تعالى ولذلك قرر في كتابه:

﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ‌ضَلَّ ‌مَنْ ‌تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا﴾ [الإسراء: 67] 

الآية تفيد بأن المضطر إذا قام بدعاء غير الله تعالى فإن الله تعالى لا يستجيب له، وهذا أمر منطقي على اعتبار أن الداعي لم يتوجه بدعائه إلى الله تعالى حيث اعتبر من دعاه شريكا لله تعالى أو ندا له، فكيف سيستجيب الله تعالى له.

وأخيرا يمكن القول بأن الله تعالى قد يمنح الفرج والرحمة لمن يستحقهما بناءً على حكمته المطلقة، وهذا من كمال عدله ورحمته.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.