السؤال:
أبي كان يملك أموالا من بيع بيت وكان عليه ديون على حساب البنك الخاص به، ثم طلب مني أن افتح حسابا بالبنك وأوكله ليتصرف بحسابي ووضع المال بشهادات به، ثم توفي أبي واكتشفنا أنا وأمي وأختي أن أبي كان قد أخذ قرضا بضمان الشهادات … الآن أنا أخذت من هذا المال الذي في حسابي الشخصي دون علم أمي أو أختي، فهل هذا كبيرة من الكبائر؟ وماذا أفعل إذا وجب علي رده وأنا لا أعمل لأني متفرغ للدراسة، وأخاف أن أمي وأختي يبغضونني إذا صارحتهم بما فعلت؟
الجواب:
فهمت من سؤالك أنك أخذت من مال أبيك المتوفى الذي أودعه في حسابك الخاص دون علم أمك وأختك بالرغم من أن ذاك المال هو من حقهما أيضا وليس من حقك وحدك، فإن كان ما فهمته هو الصحيح فسأحاول أن أقدم لك بعض النصائح بناءً على ما ذكرته:
أولاً: الاعتراف بالخطأ هو الخطوة الأولى نحو التصحيح. إذا كنت قد أخذت المال دون علم والدتك وأختك، فمن المهم أن تعترف بهذا الفعل وأن تسعى لتصحيح الوضع.
ثانيا: رد المال: يجب عليك أن تعيد المال الذي أخذته إلى العائلة. فإذا كنت غير قادر على دفع المبلغ كاملاً دفعة واحدة، يمكنك محاولة ترتيب دفع المبلغ على أقساط إذا كان ذلك ممكناً.
ثالثا: الشفافية مع العائلة: على الرغم من أنك قد تخشى رد فعل والدتك وأختك، فإن الشفافية والصراحة هما أفضل الطرق لحل المشكلة. قد يكون من الصعب في البداية، لكن من الأفضل أن تكون صريحًا معهم بشأن ما حدث وأن تذكر لهم الأسباب التي جعلتك تقدم على هذه الخطوة، فربما يتفهمون ذلك.
رابعا: التوبة والتعويض: في الإسلام، التوبة الصادقة من الذنب تشمل الإقرار بالخطأ، والندم، والعزم على عدم العودة إلى هذا الفعل. إذا كان لديك القدرة على تعويض المبلغ بالكامل أو جزئيًا، فهذا يعتبر جزءاً من التوبة. وباب التوبة مفتوح لا يوصد في وجه أحد، فكل ما عليك إصلاح الخلل ثم ستجد قبولا عند الله تعالى وعند عائلتك بإذن الله تعالى.
قال الله تعالى:
﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110]
﴿فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: 39]
﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ. أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 135-136] .
وقد روي أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ)[1]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] صحيح البخاري، رقم الحديث 2269