حبل الله
المستند القرآني لدعوة النبي عليه السلام للتيامن

المستند القرآني لدعوة النبي عليه السلام للتيامن

السؤال:

لماذا فرض الإسلام التعامل باليد اليمنى كالأكل والتحية وغيرها . أنا كعسرى عانيت كثيرا في صغري عندما كنت أُجبر على التعامل باليمنى. فلماذا الله يجبرنا على هذا بالرغم من أن استعمال اليد اليسرى أمر طبيعي خلقنا به .

الجواب:

في الإسلام، يُفضل استعمال اليد اليمنى في بعض الأعمال مثل الأكل والشرب والتحية، وذلك بناءً على توجيهات نبوية فقد كان نبينا الكريم يحثّ على استخدام اليد اليمنى في الأمور الطيبة، حيث ورد في الحديث:

«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله» (أخرجه البخاري (168)، ومسلم (268)).

هذا التوجيه النبوي يرتبط بجملة التعليمات اليومية التي نهدف إلى تحسين السلوك والآداب.

ويمكن أن يكون هناك نوع من العلاقة الرمزية بين دعوة النبي صلى الله عليه وسلم للتيمُّن وبين مدح الله تعالى لأهل اليمين في القرآن الكريم، فالله تعالى يصف أهل الجنة بـ “أصحاب اليمين” في مواضع عدة، منها قوله تعالى:

﴿وَأَصْحَابُ ‌الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ ‌الْيَمِينِ﴾ [الواقعة: 27] 

﴿‌فَأَصْحَابُ ‌الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾ [الواقعة: 8] 

﴿فَأَمَّا مَنْ ‌أُوتِيَ ‌كِتَابَهُ ‌بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ﴾ [الحاقة: 19] 

في هذه الآيات، ترتبط “اليمين” بالبركة والنجاة والجنة، حيث يُرمز لأصحاب اليمين بأهل الخير الذين يكتب لهم الفوز في الآخرة. فالتيامن في الحديث النبوي قد يكون رمزا لتفضيل الخير والنظافة والسلوك الحسن، في حين أن وصف أهل اليمين في القرآن يُشير إلى الفائزين والمُكرَّمين في الآخرة.

فالتيامن في الثقافة الإسلامية هو جزء من الآداب والسلوكيات الحسنة التي تعزز الانضباط الأخلاقي، وهو أمر أرشد إليه النبي الكريم. أما في القرآن، فإن أهل اليمين هم الذين أُعطوا كتبهم بأيديهم اليمنى، وهي علامة على رضا الله تعالى عليهم ودخول الجنة.

بمعنى آخر، هناك رابط معنوي بين التيامن الذي دعا إليه النبي الكريم ومفهوم “أهل اليمين” في القرآن، فكلاهما يشير إلى الخير والفضل، وإن كان لكل منهما سياقه الخاص.

أما بالنسبة لاستخدام اليد اليسرى، فهناك من ولدوا يفضلون أو يجدون سهولة في استعمالها، وهذا أمر طبيعي ولا يعتبر نقصًا.

إن الإسلام لا يفرض على الإنسان ما لا يطيق، ولا يجبر الشخص الأعسر على التخلي عن طبيعته إذا كان الأمر صعبًا أو يشق عليه، فالله عز وجل يعلم ما في طبع الإنسان وتكوينه:

﴿‌أَلَا ‌يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14] 

والإسلام دين يُسر، والدعوة للتيامن جاءت من باب الاستحباب وليس من باب الإجبار الذي يؤدي إلى مشقة، فإذا كان استعمال اليد اليمنى يشق عليك أو يشعرك بعدم الراحة، فيجوز لك استخدام اليد اليسرى، لأن الشريعة الإسلامية تهدف إلى التيسير ورفع الحرج:

﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ ‌مِنْ ‌حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78] 

﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا ‌إِلَّا ‌وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286] 

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.