السؤال:
هلك عن خمس بنات وأربع أخوات شقيقات وأخوين شقيقين. ما نصيب كل وارث؟
الجواب:
إن تقسيم التركة هنا لا يحتاج إلى تفصيل، ولكن نظرًا لأن هذه المسألة مما يشوبه اللغط ويُحكم فيها بخلاف ما أنزل الله تعالى في كتابه فسوف نتناولها بشيء من التفصيل.
إن تركة الميت في هذه الحالة فقط لبناته الخمس بحيث تقسم بينهن بالتساوي، ولا شيء للإخوة ذكورًا كانوا أم إناثًا، وذلك لأن الإخوة لا يدخلون في الميراث في حالة وجود (ولد) للميت وذلك بدليل قوله تعالى:
﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ….﴾ النساء (176)
فكما يتبين من الآية أن الإخوة لا يرثون إلا في حالة (الكلالة) التي تعني عدم وجود ولد للميت (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) وكلمة (ولد) في اللغة العربية وفي كتاب الله تعالى وفي كل آيات الميراث تعني الابن والابنة على حد سواء.
وإن قيل فلماذا تُفتي أكثر المذاهب وقوانين الأسرة بأن ترث البنت نصف تركة أبيها إن كانت منفردة وإن كن أكثر فيأخذن الثلثين وأن الإخوة يأخذون بقية التركة، بينما إن كان للميت ولد ذكر فإنه يحجب الإخوة مستشهدين بقوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ﴾ النساء (11)
فيرد على ذلك بما يلي:
- إن الآية الكريمة موضع الشاهد لم تشرك الإخوة في الميراث مع البنات، حتى إنه لم يُذكر فيها أن الابن الذكر يحجب الإخوة، ولم يأت في كل آيات الميراث أن الذكر فقط يحجب الإخوة والأنثى لا تحجبهم، وقد بينَّا ماذا تعني كلمة (الولد) التي حرفت معناها بعض المذاهب وقصرها على الابن دون البنت في هذا الموضع خاصة.
والعجيب في الأمر أن أصحاب هذا الرأي قد جعلوا كلمة (الولد) تارة تخص الذكر فقط في آية الكلالة، وتارة أخرى تشمل الذكر والأنثى في كل القرآن وآيات الميراث!
- وأما إذا أردنا أن نعرف لماذا تحصل البنات على ثلثي التركة؟ وأين يذهب الثلث الباقي؟ فينبغي أن نكمل بقية الآية ولا نكون كمن يقتطعون الآيات من السياق فيقولون ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ﴾ النساء (43) ولا يكملون قوله (وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ) وكأن الآية تنهى المؤمنين عن الصلاة.
وهو ما حدث في آية الميراث حيث أن بقية الآية موضع الشاهد تقول:
﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ، وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ﴾ النساء (11)
أي أن الثلث الباقي من التركة يذهب للأبوين.
وما يؤيد ذلك قوله (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ…﴾
والذي يعني أن الأبوين يرثون ثلث التركة لو كان للميت (ولد)
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا:
إذا كانت كلمة (ولد) تعني الذكر على زعمهم، فهل يرث كلا من الأبوين السدس في حالة وجود الولد الذكر فقط لقوله تعالى (إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) ولا يرثون إن كان للميت بنتًا أو أكثر؟!
ومن هنا فإن كان للميت بنت واحدة فإنها تأخذ كل تركته (النصف فرضًا، والنصف الآخر ردًا) وإن كن أكثر من ذلك كما في سؤال السائل الكريم، فإن البنات الخمس هنا يأخذن الثلثين فرضًا والباقي ردًا (الذي هو نصيب الأبوين في حالة عدم وجودهما) ولا شيء لإخوة الميت، ولا يحل لهم أن يرثوا مع هؤلاء البنات كرهًا لئلا يتعدوا حدوده تعالى الذي حذر منه وتوعدهم بالعذاب عقب آيات الميراث بقوله:
﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ النساء (14)
وحتى لا يكونوا آكلين لأموال اليتامى ظلما متناسين قوله تعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا، وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ النساء (10).