السؤال:
توفي والدي عام 1998، وقد تم تقسيم الميراث عليّ وعلى إخوتي منذ ثلاث سنوات، ثم وجدنا زوجة عمي تقول لنا أن والدي قال لزوجها (أخ والدي) بأنه سوف يعطيه جزءا من أرض له على سبيل التعويض، أي وعده بذلك، مع العلم أن أبي كان متزوجا حديثاً. وتقول زوجة عمي أنها كانت جالسة هي وعمي (زوجها) وأبي وأخت أبي وزوجة عمي الآخر وقالت إنه قال ذلك الكلام أمامهم.
وقد توفي جميع من حضر تلك الجلسة ما عدا زوجة عمي و زوجة عمي الآخر، وهي تطالب بذلك الوعد (التراضي) الذي قاله أبي (سوف أرضيك يا أخي. لكن أمي لا تعلم شيئا عن هذا الأمر بالرغم من أن أبي قال لأمي عن كل شيء يخص ميراثه وأملاكه، كما أنه لا يوجد ورق يثبت ما زعمته زوجة عمي. وهي لم تطالب بذلك منذ وفاة أبي، أي منذ أكثر من 25 عاما، بل ظهر هذا الكلام حدثيا.
فهل أنا وإخوتي ملزمون بالوفاء بهذا الكلام الذي زعمته على أبي مع أننا لم نكن موجدين على هذه الحياة بعد؟.
الجواب:
فيما يتعلق بمطالبة زوجة عمك بحقوق من الميراث بناءً على وعد شفهي تدّعي أن والدك قد أعطاه لأخيه، فهذه المسألة تتطلب النظر في أمور أساسية قبل إصدار الحكم:
- عدم وجود وثائق أو شهود أحياء:
بما أن الأمر مجرد قول نسبته زوجة عمك لوالدك دون شهود أحياء يثبتونه ودون أوراق أو مستندات رسمية، فإن الوعد في هذه الحالة لا يمكن اعتباره ملزمًا شرعًا أو قانونًا.
القاعدة الفقهية تقول “البينة على من ادعى”، وهذا يعني أنه إذا ادعى شخص حقًا فعليه تقديم دليل أو شهود، وإلا فالأصل أن الورثة يحتفظون بميراثهم كما هو.
- التراضي والوعد غير الموثق:
ما ذكرته زوجة عمك عن “وعد” والدك لأخيه (التراضي) لا يثبت انتقال الملكية لأخيه، فالوعد غير الموثق أو المنفذ في حياة الوالد لا يلزم الورثة بتنازلهم عن نصيب من الميراث بعد وفاته، خصوصًا إذا لم يُنفذ الوالد هذا الوعد ولم يخبر به زوجته أو أبناءه ولم يقم بتسجيله بشكل رسمي.
- انقطاع المطالبة لمدة طويلة:
عدم مطالبة زوجة عمك بهذا الجزء من الميراث منذ وفاة والدك وحتى الآن يجعل الدعوى ضعيفة، إذ إن الميراث غالبًا ما يتم توزيعه فور الوفاة، ولو كان هناك حق فعلي لأخيه لكان قد طالب به حينها أو بعد ذلك مباشرة، وهذا يعطي إشارة إلى أن المطالبة قد تكون مبنية على اجتهاد أو سوء فهم للوعد غير الموثق.
- رأي الشرع في التصرفات المالية بعد الوفاة:
إن تركة المتوفى تُوزع على ورثته بحسب ما بين الله تعالى في كتابه، وقبل التقسيم تقضى الديون والحقوق الموثقة أو ال عليها. أما الأقوال المنسوبة له دون دليل فلا يمكن الأخذ بها، لأن الله سبحانه وتعالى أمرنا بحفظ الحقوق بوسائل الإثبات، كالشهادة والكتابة [البقرة: 282] ، للحفاظ على حقوق الورثة الشرعيين.
الخلاصة:
بناءً على ما ذكرت، فلا يلزمك أنت وإخوتك الوفاء بهذا الوعد المزعوم، خصوصًا لعدم وجود إثبات أو شهود أحياء، مع انقطاع المطالبة لفترة طويلة. وفي حال رغبتِم في إنهاء هذا الأمر بالتراضي، فهذا خيار متروك لكم ولا يُفرض عليكم. مع توصيتنا بأن تكونوا على وفاق مع أسرتكم بما يرضي الله، دون التنازل عن حق شرعي بناءً على ادعاءات غير مثبتة.