السؤال:
ما هو حكم مشاهدة الأفلام التاريخية التي تحكي عن فترة أو أحداث تاريخية، أقصد الأفلام السنيمائية التي يكون فيها بعض الدراما وقد تحتوي على بعض الأحداث الخيالية وتصوير بعض الشخصيات بطريقة سلبية أو غير ذلك.
هل هناك حرج في هذا النوع من الأفلام من حيث أنها لا تحكي القصة كما حدثت في الحقيقة أو من حيث كونها غيبية مثلا لهذه الشخصيات القديمة التي أفضت إلى ما قدمت؟
الجواب:
إن الأعمال الدرامية من المسلسلات والأفلام التي تقدم الأحداث التاريخية أو الدينية وتحكي عن حقبة زمنية معينة وعن أشخاص بعينهم لا بد أن تلتزم الصدق في نقل الحدث أو تشخيص أصحابها، وفي الوقت نفسه فإن الدراما تختلف عن التأريخ (كتابة التاريخ) في أنها يلزمها الحبكة الدرامية، وهي أن يأخذ الكاتب الحدث التاريخي أو الشخصية بخطوطها العريضة التي ذكرت في كتب التاريخ أو الكتب السماوية ثم يضيف إليها بعض التفاصيل التي تعطي العمل الشكل الدرامي وتحوله من ورقة تُقرأ إلى رواية حية تُشاهَد، وهو ما يعمل على تقريب الصورة في ذهن المشاهد وتجذب الكثيرين لمتابعتها صغارًا وكبارًا.
ولكن هذه الحبكة الدارمية أو التفاصيل التي يضعها الكاتب – وهي محور سؤال السائل الكريم – بالطبع يعود الكثير منها لخيال المؤلف إذ أنه لم يعاصر الأحداث ولا الشخصيات وبالتأكيد لم يطلع على الغيب، ولذلك فهي على شقين:
- إما أن تكون هذه التفاصيل التي من خيال المؤلف في زيادة شخصيات ثانوية كوزراء وحاشية وجنود وخدم أو أحداث فرعية كالتفاصيل اليومية للشخصية من ذهاب وإياب ولباس وأقوال لا تؤثر على مصداقية العمل ولا تعمل على تمجيد أو تشويه الشخصية بإسقاط وجهة نظر المؤلف على الحدث أو صاحبه، فلا يحول أحداث النصر إلى هزيمة أو العكس ولا يسيء أو يمجد صاحب الحدث بما ليس فيه من باب الذم والتحقير أو المدح والتمجيد.
فلا حرج في ذلك ولا ذنب يقع على الكاتب أو المؤلف إذ أنه لم يتقول الكذب على أحد:
﴿قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ…﴾ المائدة (119)
ولا حرج على المشاهد لهذه الأعمال.
- أما إن كانت هذه التفاصيل التي أضافها المؤلف من خياله تتعدى الحقائق المعروفة وكان لها أثر في تزوير الحقيقة حول الأحداث أو الشخصيات بإدخال معلومات زائفة أو الاستعانة بمشاهد العري وسيء القول فهذا يقع تحت العمل على إشاعة الفاحشة والكذب، فعند ذلك يكون المشتركون في إنجاز العمل آثمين وسوف يُسألون عنه، وعندئذٍ يندرج فعلهم تحت قوله تعالى:
﴿أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ، فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ……. أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ﴾ الطور (38: 41)
وهنا يحمل المؤلف الوزر، ولا يُفضل أن يشاهدها المسلم ما دام يعلم عدم مصداقيتها وتمجيديها للفاسدين وتحقيريها للصالحين، لئلا يعمل على انتشارها، وإن فعل من باب الاطلاع أو النقد فعليه بغض بصره عما جاء فيها من مشاهد تتنافى مع الخُلق القويم وأن يوضح لمن حوله حقيقة الحدث أو الشخصية حتى لا يقع تحت قوله تعالى:
﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ. أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ. وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا، وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ الشعراء (227).
*وللمزيد حول هذا الموضوع ننصح بالاطلاع على المقالات والفاو التالية:
العمل في المجال الفني وإنتاج الأفلام تحديدا https://www.hablullah.com/?p=6671
مشاهدة الأفلام الأجنبية https://www.hablullah.com/?p=1279
مشاهدة أفلام الأنمي (anime) https://www.hablullah.com/?p=6101
حكم تجسيد شخصيات الأنبياء في الأعمال الفنية https://www.hablullah.com/?p=1181
الباحثة: شيماء أبو زيد