حبل الله
الزوجة تريد الطلاق لكنها لا تستطيع رد المهر

الزوجة تريد الطلاق لكنها لا تستطيع رد المهر

السؤال:

ماذا تفعل المرأة المتزوجة التي تريد الطلاق ولم تستطع رد المهر لزوجها؟

الجواب:

الأصل أن المهر أو الصداق هو حق للمرأة عند النكاح، ولا يحق للزوج أن يسترد شيئًا منه عند الطلاق إلا في حالات معينة حددها الله تعالى؛ وقد سماه تعالى بالأجر والفريضة لئلا يتهاون فيه الأزواج والأهل:

﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً…﴾ النساء (24)

فلو أراد الرجل أن يتزوج بأخرى ورفضت الزوجة هذا الزواج وطالبت بالطلاق فلا يحل له أن يأخذ شيئًا منه امتثالًا لنهيه تعالى:

﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا، أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ النساء (20).

وكذلك ما يُسمى بالطلاق للضرر، وصورته أن يعضل الزوج زوجته ويؤذيها حتى تطلب الطلاق وتتنازل له عن بعض مهرها، مصداقًا لقوله تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا، وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ النساء (19)

والواضح من الآيات الكريمة النهي الصريح عن أخذ المهر حال استبدال الزوجة أو إلحاق الضرر بها لإجبارها على طلب الطلاق لتتنازل عن المهر أو بعضه، فهذا من الظلم والبهتان.

أما الحالات التي يجوز فيها للزوج أن يأخذ جزءًا من المهر نذكر منها:

  • إتيان الفاحشة، كما جاء في الآية السابقة (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) حيث اشترطت الآية أن يكون لدى الزوج دليل بيِّن وليس مجرد اتهام وشكوك.
  • حالة الافتداء، ويكون هذا عندما تكره الزوجة البقاء على الزوجية وأرادت الفراق، فإذا رأى كلا الزوجين استحالة العشرة بينهما فيحل للزوج أن يأخذ جزءًا من المهر، كما جاء في قوله تعالى:

﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ، فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ، وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ، فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ، تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ البقرة (229)

ولا بد أن يكون طلب الزوجة الفراق هو مخافة عدم إقامة حدود الله تعالى مع زوجها بأن وجدت في نفسها أنها لا تستطيع الاستمرار معه لأي سبب يعود إليها، وليس لأنه أكرهها أو عضلها.

وهذا ما أكدت عليه الآية الكريمة حين جاء الضمير فيها بالمثنى (إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا) الذي يعني اتفاقهما – دون ضغط من الزوج أو إيذائه لها –  حيث يشاركهما ولي الأمر في هذا القرار:

(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِه)

والخطاب في قوله تعالى (فَإِنْ خِفْتُمْ) موجه لأولياء الأمر.

وفي حال كانت المرأة قد أنفقت مهرها بأن كان المهر قد تم دفعه كاملًا وليس لها مؤخر صداق تستطيع التنازل عنه فالزوج بين خيارين:

  • إما أن يعفو عن المطالبة بالجزء الذي يستحقه من المهر مراعاة للعشرة بينهما وقد أفضى كلاهما للآخر، ومن باب الفضل والمعروف الذي يذكرنا به عز وجل عند الحديث عن الطلاق دائمًا في قوله:

﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ البقرة (237) ﴿وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ﴾ الطلاق (6)

وليكن الزوج على يقين أن تنازله عن المهر له فيه عظيم الأجر؛ لأن الطلاق بالمعروف من تقوى الله سبحانه وتعالى الذي وعد المتقين بالرزق من حيث لا يحتسبوا.

  • وإما أن يتفقا على أن تتنازل المرأة عن حقوقها في النفقة المترتبة على الطلاق: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ…﴾ الطلاق (7).

وأن يكون الباقي _إن لم يكف بديل النفقة_ دينًا مكتوبًا على المرأة تسدده متى تيسر لها امتثالًا لقوله تعالى:

﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ، وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ، إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ البقرة (280).

ولا شك أن إعفاءها أفضل وأقرب للتقوى.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.