حبل الله
الفرق بين الإسراف والتبذير في القرآن الكريم

الفرق بين الإسراف والتبذير في القرآن الكريم

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل تتفضلون بشرح معنى الإسراف في القرآن الكريم؟ ما الفرق بين الإسراف والتبذير؟ هل مثلا شراء مقتنيات كثيرة عددًا وثمنًا مع السعي إلى التصدق بكل شيء بعد استعماله لفترة مع المقدرة على الشراء مجددا أمر يعد إسرافًا، أفكر دائما بمنطق الانتفاع والنفع، هل يمكن تحديد شيء سيء مطلقا؟ شكرا مسبقا لكم، كان الله في عونكم.

الجواب:

نشكر السائلة الكريمة على سؤالها وثقتها في موقعنا وهدانا الله وإياها إلى سواء السبيل، وفي البداية سنقوم بشرح الإسراف والتبذير بشيء من التفصيل.

حيث أن أكثر أهل اللغة والمفسرين لم يفرقوا بين الإسراف والتبذير وجعلوا كلاهما مرادفًا للآخر، ومنهم من فرق بينهما بأن الإسراف هو الإكثار من الحلال والتبذير يكون بالإكثار من الحرام، ومنهم من قال بأن الإسراف الجهل بمقادير الحقوق والتبذير الجهل بمواقع الحقوق.

والحق أن هناك فرقًا بين الإسراف والتبذير لا يتعلق بما سبق، إذ لا ترادف بينهما ولو صح الترادف لصح لنا القول بأن معنى قوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ الأعراف (31) هو نفسه (وكلوا واشربوا ولا تبذروا) وكذلك معنى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ الإسراء (26) هو ذاته (وآت ذا القربى حقه…. ولا تسرف إسرافًا) وهذا غير صحيح؛ إذ أن القاعدة اللغوية تقول أنه إذا اختلف المبنى اختلف المعنى، وكلمتا الإسراف التبذير لا علاقة بينها في الجذر اللغوي، وحتى لو تشابه المعنى فلا بد من وجود فروق دقيقة بين الكلمات المختلفة في المبنى، وذلك لأنه لا يوجد ترادف في كتاب الله تعالى.

كما أن القول بأن التبذير يختص بالإنفاق في الحرام لا يتفق مع قوله تعالى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ والآية تتحدث عن الإنفاق في سبيل الله تعالى وهو لا يتعلق بالحرام.

وكذلك بالنسبة للقول بأن الإسراف يكون في الشيء الحلال لا يتفق مع أكثر الآيات التي ذُكر فيها كقوله تعالى: ﴿مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾ الدّخان (31) وفرعون لم يكن مسرفًا في حلال قط، وكقوله: ﴿إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾ الأعراف (81) ولا علاقة لإتيان الفاحشة بالحلال.

فإن أردنا أن نعرف معنى كل منهما فعلينا العودة إلى كتاب الله تعالى وتدبر السياق الذي ذكرت فيه، فبالنسبة للتبذير فقد جاء ذكره مرة واحدة في كتاب الله تعالى في قوله:

﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ…. وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا. إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾ الإسراء (27)

وبتتبع السياق نجده تعالى قد بيَّن معناه وفصَّله في قوله:

﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ الإسراء (29)

وهذا يعني أن التبذير هو الإكثار في الإنفاق ووضعه في غير موضعه لدرجة السفه، وهو ما أسماه تعالى بــ (البسط) وعكسه هو الغل (مغلولة) بأن يمنع الإنسان ما وجب عليه نفقتهم كذوي القربى وغيرهم.

فالشخص المبذر هو كالذي يبذر الحب والبذور في كل مكان دون تفكير وتروي، فلا يراعي أماكن وضع البذور فيلقيها على جوانب الطرق فتموت أو على الصخور فلا تنبت أو حتى يبذرها في مكانها بكثرة فتتلف وتفسد نتيجة تزاحمها، وهو نفسه ما يحدث إذا أعطى الفقير بتبذير فإنه ليس في مصلحة المعطي ولا الآخذ، فالأول يقعد ملومًا محسورًا والثاني قد يتمرد ويترك السعي ويطمع فيما ليس له وقد يفسده كثرة المال، ولذا قال تعالى عقب ذلك:

﴿إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ، إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا﴾ الإسراء (30)

وهذا ما يحدث بالفعل لأكثر الناس إن بسط الله تعالى لهم الرزق:

﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ الشورى (27)

هذا بالنسبة للتبذير الذي يتعلق بكثرة إنفاق المال ووضعه في غير موضعه.

أما بالنسبة للإسراف فله معنى واسع يندرج تحته معان كثيرة من الصغيرة إلى الكبيرة وإلى الحد الذي يجعل صاحبه من أصحاب النار ألا وهو (التجاوز من حد الحلال إلى الحرام وإلى حد الإفساد) ويتبين ذلك من خلال السياقات المتعددة التي ذكر فيها:

  • ومن أشهر الآيات المتعلقة بالإسراف قوله تعالى:

﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا، إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ الأعراف (31)

ويظن الكثير أن المنهي عنه في الآية هنا هو الإكثار من الأكل والشرب، وهذا الاعتقاد ليس دقيقًا؛ إذ أن أخذ الزينة مشمول في النهي قبل الأكل والشرب، كما أن الإسراف هنا لا يتعلق فقط بكثرة الزينة أو الطعام والشراب كما في التبذير وإنما يمتد إلى معنى أكبر وأشمل وهو تجاوز حدود الحلال في كل أمر إلى الحرام؛ فيترك المؤمن ما أحل له تعالى من طيبات الطعام إلى الخبائث كأكل الخنزير أو الميتة أو شرب الخمر، كما يتجاوز في الأكل والشرب لدرجة إفساد البدن.

وهو ما ينطبق على أخذ الزينة الحلال وعدم تجاوزها إلى الحرام أو التجاوز بإظهار ما يجب إخفاءه بالنسبة للنساء أو ارتداء الرجال ما يخص النساء.. إلخ

  • وما يؤيد ذلك قوله تعالى:

﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ الأنعام (141)

ومقارنته بقوله تعالى:

﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ… وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾

ففي النهي عن الإسراف في حق الفقراء لم يكن المعنى عدم الإكثار أو البسط الذي جاء بلفظ التبذير.

وإنما جاء النهي بلفظ الإسراف أي بالتجاوز عن أمره تعالى بالإنفاق عند طريق الاستحواذ على الحصاد كله وحرمان الفقير، وقد ضرب لنا تعالى المثل على هذه الحالة في سورة القلم بأصحاب الجنة ابتداء من الآية (17: 33) وهم الذين أسرفوا وتجاوزوا أمره تعالى عند الحصاد حيال المساكين ومنعوا حقهم:

﴿أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ﴾ القلم (24)

وقد بيَّن لنا تعالى عاقبتهم.

وكما فصَّل لنا تعالى معنى التبذير كذلك فصَّل معنى الإسراف في قوله:

﴿وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ. الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ الشعراء (151: 152)

فالإسراف هو تجاوز الحلال إلى الحرام لحد الإفساد وهو ينطبق على كل شيء.

وهنا يتبين معنى قوله في وصف عباد الرحمن:

﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا﴾ الفرقان (67)

فالمؤمن الحق هو الذي لا ينفق ماله كله في المتاع واللهو، ولا يبتغي بماله الحرام فيكون إنفاقه إسرافًا محرمًا، وفي الوقت نفسه لا يقتر في الخيرات فيكون قوامًا بين الاثنين فيحسن كما أحسن الله إليه بالإنفاق ولا ينسى نصيبه من الدنيا بالمتعة الحلال.

والمسرفون لهم نماذج كثيرة بيَّنها لنا سبحانه وتعالى نذكر منها:

  • فالمسرف من أعطاه الله تعالى المال أو الملك فتجاوز به وطغى كفرعون الذي ﴿كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾.
  • وكقوم لوط ﷺ الذين تجاوزا المتعة الحلال مع الأزواج من النساء إلى فاحشة إتيان الذكور فكان وصفهم ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾
  • وكالقائم على أموال اليتامى فيتجاوز أمره تعالى بالأكل بالمعروف حال فقره إلى الاستحواذ على مال اليتيم ظلما:

﴿وَلَا تَأْكُلُوهَا (أموال اليتامى) إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا، وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ، وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ النساء (6)

  • وكولي الدم الذي أعطاه الله تعالى الحق في القصاص بأن يُقتل قاتل وليه:

﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ، إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾ الإسراء (33)

ثم يتجاوز هذا الحق ويقتل آخرين انتقامًا:

﴿مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ … ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾ المائدة (32)

  • ومن أشد أنواع الإسراف الذي يقع فيه الإنسان أن يكفر بآيات ربه:

﴿وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ، وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ﴾ طه (127)

وكذلك من دُعي إلى الله تعالى بالحق فتطير بمن دعاه وعمل على إيذائه كأصحاب القرية في سورة (يس) ﴿قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ، أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ، بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾ يس (19).

والله تعالى لا يهدي المسرف بتجاوز الآيات البينات:

﴿وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ…. إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾ غافر (28) ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ….. كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ﴾ غافر (34)

وعلى الرغم من سوء عاقبة المسرفين ﴿وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ غافر (43) ولكن من رحمته تعالى أنه يقبل التوبة من كل من أسرف:

﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ الزمر (53)

وقد علمنا كيف ندعوه:

﴿وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا﴾ آل عمران (147)

فقوله تعالى ﴿وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا﴾ يدل على أن الإسراف مذموم في كل الأمور وأن عاقبته خسرًا.

هذا بالنسبة للفرق بين التبذير والإسراف وكلاهما مذموم والمبذرون والمسرفون من إخوان الشياطين الذين يكفرون بنعمة الله ومصيرهم اللوم والحسرة، وكلاهما يحتاج إلى التوبة والرجوع إلى سبيل الرشاد.

أما بالنسبة لسؤال السائلة الكريمة حول شراء المقتنيات بكثرة فإن هذه الأمور – إن لم يكن مصدرها من حرام ولا تلهي صاحبها عن العمل الصالح فهي تُعد من الزينة التي أباحها الله تعالى لعباده:

﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ الأعراف (32)

مع الوضع في الاعتبار أن الإكثار منها والمبالغة إلى درجة السفه يدخل صاحبه إلى دائرة الإسراف بتجاوز الحد الذي  يُفسد به نفسه باعتياد الترف فلا يستطيع التأقلم مع وجود ابتلاء ما؛ لأنه لا يعلم ماذا يكسب غدًا ولربما طرأت عليه أحوال يحتاج فيها إلى هذا المال فلا يجده فيلوم نفسه متحسرًا من حيث لا ينفع اللوم.

كما أن السائلة الكريمة تقول أنها تتصدق بهذه الأشياء بعد استعمالها لفترة، وهنا نتساءل:

  • هل الفقراء والمساكين وغيرهم من الأصناف الثمانية المستحقين للصدقة سينتفعون بهذه المقتنيات الثمينة حال التبرع بها؟

فإن الفقير في هذه الحالة بين شقين، إما يبيعها لسد النقص الذي يعانيه من الطعام والعلاج والتعليم، ولو فعل ذلك فسيبيعها بأرخص الأثمان لأنه لا يدرك قيمتها الحقيقية أو لأن ثمنها مستعملة أقل بكثير منها جديدة، وهنا يتحقق التبذير.

وإما أن يأخذها لنفسه وإن استعمل هذه الأشياء وارتداها فسيألفها وسوف يشعر بالحزن حال فقدها وربما حقدت نفسه ودفعته إلى مد يديه للحصول على مثلها من الملابس الغالية والمقتنيات الثمينة، وهنا تحقق الإسراف.

ففي كلا الحالتين فإن الفائدة التي ستعود على المتصدق عليهم بتلك الأشياء لن تعود إلا بالنفع القليل ولهذا أمرنا تعالى حال إطعام المساكين بأن يكون الطعام وسطًا:

﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ المائدة (89)

وبالطبع الحديث نفسه بالنسبة للملابس والمقتنيات التي تنفعه ولا تؤثر على نفسيته بالسلب.

وإذا أردنا أن نحدد شيئًا سيئًا مطلقًا كما أشارت السائلة الكريمة فهو الإنفاق حد الإسراف الذي يبدد المال ويفسد النفس، والتبذير التي يجعلها ملومة محسورة – وبما أن التبذير في الإنفاق في سبيل الله تعالى مذموم – فمن باب أولى أن يكون مذمومًا في غيره.

ومبدأ الانتفاع والنفع كما أشارت في سؤالها لا ينطبق على المسرف أو المبذر كما بينَّا لأن أكثر هذه الأشياء قد لا تؤتي ثمارها مع الفقير.

وختامًا:

قد جعل الله تعالى الأموال لنا قيامًا، فينفق الإنسان على نفسه متمتعًا بالزينة التي أحلها له ربه مع الالتزام بتلك القاعدة الربانية في وصف عباده المقربين:

﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا﴾ الفرقان (67)

وتلك الوصية العظمى التي تحمي النفس من الغل والشح وتجنبها اللوم والحسرة:

﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ الإسراء (29)

الباحثة: شيماء أبو زيد

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.