السؤال: ما هي صلاة التراويح، و ما هو حكمها الشرعي؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
إن هناك صلاة مخصوصة برمضان تؤدى في المساجد جماعة بعد العشاء، تسمى ب “صلاة التراويح”، وهي صلاة لها أهمية كبيرة عند الناس عبر التاريخ، يحضرها الرجال والنساء والكبار والصغار حتى من لا يصلي الصلوات الخمس، فتعجز المساجد عن المجتمعين لها.
ولكن الأحاديث المتعلقة بالموضوع تدل على أن الصلاة التي صلاها رسول الله عليه الصلاة والسلام عدة ليالي من ليالي رمضان في مسجده هي نفس الصلاة التي كان يصليها في بيته من ليالي رمضان ومن غير لياليه.
ولفهم حقيقة الأمر فيها لا بد لنا أن نفهم الحديث الذي استدل به على التراويح مع الأحاديث المتشابهة به معنى. وفي دراستنا هذه نجتهد في فهمها الصحيح من خلال الآيات والأحاديث المتعلقة بالموضوع.
والله ولي التوفيق
1- التهجد أو قيام الليل
التهجد أو قيام الليل فرض على النبي صلى الله عليه وسلم، مستحب لأمته. قال الله تعالى:
“أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً. وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً“- الإسراء 17/78، 79.
وفي الآية الثانية من هاتين الآيتين أمر الله تعالى رسوله بأداء صلاة مخصوصة له، بعد أن أمره بالصلوات الخمس. وهذا يدل على أن الأمر الذي اشتملته الآية الأولى أمر له ولأمته وهو الامر بالصلوات الخمس، وأما الأمر الذي اشتملته الآية الثانية فأمر خاص له صلى الله عليه وسلم، وهو الأمر بقيام الليل.
وحينما أمر الله تعالى رسوله بقيام الليل بقوله: “وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ”، ندب تعالى إليه أمته صلى الله عليه وسلم بالآيات التالية:
“الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ“- (آل عمران 3/16- 17).
“وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً. وَالَّذِينَ
يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً“- الفرقان 25/63، 64).
“إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ. تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ. فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ“- ( السجدة 32/15- 17).
“أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ“- (الزمر 39/9).
“إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ. كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ. وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ “كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ. وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ“- (الذاريات 51/15- 18).
ولهذا رغب صلى الله عليه وسلم أمته في قيام الليل عامة وفي قيام ليالي رمضان خاصة، ولكن لم يأمرهم بأي منهما. فقال:
“أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلاَمَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ”- (الترمذي، كتاب البر والصلة، كتاب صفة الجنة، كتاب تفسير القرآن؛ الدارمي، كتاب الصلاة باب فضل صلاة الليل، كتاب الإستئذان باب إفشاء السلام؛ ابن ماجة، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في قيام الليل).
“في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها” فقيل: لمن يا رسول الله؟ قال: “لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام“- (مسند أحمد 2/173، 5/343).
”مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ“- (البخاري، التراويح 1؛ مسلم، صلاة المسافرين 174؛ أبو داود الصلاة 318؛ الترمذي الصوم 83؛ النسائي الصيام 39؛ الموطاء الصلاو في رمضان).
عدد ركعاته وكيفيته
يروى أن عائشة رضي الله عنها سئلت عن كيفية صَلاَة رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ فأجابت بأنه عليه الصلاة والسلام: “مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ، وَلاَ فِي غَيْرِهَا عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً“- (البخاري، التراويح 1؛ مسلم، صلاة المسافرين 125؛ الترمذي، الصلاة 208؛ النسائي، قيام الليل 36؛ الموطاء صلاة الليل 3؛ مسند أحمد 6/36، 73، 104).
والروايات الأخرى المتعلقة بالموضوع هي كالتالي:
أ- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ـ رضى الله عنهما ـ قَالَ إِنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ صَلاَةُ اللَّيْلِ قَالَ ”مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ ”.
ب- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضى الله عنهما ـ قَالَ: “كَانَ صَلاَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً. يَعْنِي بِاللَّيْلِ”.
ج- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ ـ رضى الله عنها ـ عَنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ. فَقَالَتْ: “سَبْعٌ وَتِسْعٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ سِوَى رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ“.
د- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ ـ رضى الله عنها ـ قَالَتْ: “كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا الْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ”- روى الأحاديث الأربعة الأخيرة البخاري في كتاب التهجد 10.
ولكون صلاة الليل مندوبا للأمة، يستحب لكل مسلم ومسلمة أن يصلي سبع ركعات مع الوتر أو تسع ركعات معه أو إحدى عشرة ركعة معه في ليالي رمضان وفي غيرها.
2- الحديث الذي استدل به على التراويح
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ ـ رضى الله عنها ـ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ لَيْلَةً مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ، وَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلاَتِهِ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ، فَصَلَّوْا مَعَهُ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى، فَصَلَّوْا بِصَلاَتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ، حَتَّى خَرَجَ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ ” أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَىَّ مَكَانُكُمْ، وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا ”. فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ.- (البخاري، التراويح 1، الجمعة29؛ مسلم، صلاة المسافرين 177، 178؛ الموطأ، الصلاة في رمضان 1؛ أبو داود، الصلاة 318؛ النسائي، قيام الليل 4).
والبخاري يذكر هذا الحديث في كتابه المشهور ب”الجامع الصحيح” في عدة مواضع بمناسبات مختلفة، مع أنه يذكر في كتابه هذا الأحاديث التي تشابهه معنى. ولفهم المعنى الذي يتضمنه ذاك الحديث لا بد لنا أن نفهمه مع تلك الأحاديث المتشابهة به معنى، التي رواها البخاري.
وها هي الأحاديث المتشابهة بذلك الحديث معنى:
أ- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَت:ْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فِي حُجْرَتِهِ، وَجِدَارُ الْحُجْرَةِ قَصِيرٌ، فَرَأَى النَّاسُ شَخْصَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ، فَأَصْبَحُوا فَتَحَدَّثُوا بِذَلِكَ، فَقَامَ لَيْلَةَ الثَّانِيَةِ، فَقَامَ مَعَهُ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ، صَنَعُوا ذَلِكَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً، حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَخْرُجْ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ فَقَالَ ”إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ صَلاَةُ اللَّيْلِ”.
ب- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ ـ رضى الله عنها ـ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ حَصِيرٌ يَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ، وَيَحْتَجِرُهُ بِاللَّيْلِ، فَثَابَ إِلَيْهِ نَاسٌ، فَصَلَّوْا وَرَاءَهُ.
ج- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اتَّخَذَ حُجْرَةً ـ قَالَ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ ـ مِنْ حَصِيرٍ فِي رَمَضَانَ فَصَلَّى فِيهَا لَيَالِيَ، فَصَلَّى بِصَلاَتِهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ ”قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلاَةِ صَلاَةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ الْمَكْتُوبَةَ ”- ( وتلك الأحاديث الثلاث رواها البخاري في كتاب الأذان 80، 81).
ومن خلال تلك الأحاديث الثلاث يتبين لنا معنى الحديث الأول الذي يستدل به على التراويح، وهذا المعنى أنه عليه السلام صلى صلاة الليل (التهجد) في داخل حجرته التي اتخذها من حصير. حينما اعتكف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان. ولم يصل صلاة التراويح كما يدعي القائلون بها. وعندئذ صلى بصلاته من كان حاضرا في المسجد. وهذا كل ما شتمله جميع الأحاديث المتعلقة بالموضوع من معنى. ويؤيد هذا المعنى الحديث التالي:
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَمَضَانَ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ فَلَمَّا كَانَتِ السَّادِسَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَّلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ . قَالَ فَقَالَ ” إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ ” . قَالَ فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ لَمْ يَقُمْ فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ جَمَعَ أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ وَالنَّاسَ فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلاَحُ . قَالَ قُلْتُ مَا الْفَلاَحُ قَالَ السُّحُورُ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا بَقِيَّةَ الشَّهْرِ.- أبوداود – كتاب شهر رمضان1 باب فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ؛ الترمذي، الصوم 81؛ النسائي، السهو 103، قيام الليل 4).
الخلاصة:
إن الصلاة التي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد في عدة ليالي من رمضان هي نفس الصلاة التي كان يصليها في بيته في غيرها، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان. فيصلي في المسجد ما كان يصلي في بيته. وهذا قيام الليل الذي كان فرضا عليه كما بيناه سابقا.
واعتكف في رمضان على عادته في حجرة اتخذها من حصير. وصلى في هذه الحجرة في مسجده ما كان يصلي في بيته. فصلى بصلاته من كان حاضرا في المسجد حينئذ من وراء الجدار. وهذا الأمر قد تكرر ثلاث ليال. وفي الليلة الرابعة لم يخرج إليهم، أي لم يقم من مقامه في الحجرة ولم يصل قائما. وبعد صلاة الفجر قال لهم: “قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلاَةِ صَلاَةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ الْمَكْتُوبَةَ ”- ( صحيح البخاري، كتاب الأذان 80، 81).
وإقامة النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الليل عدة ليالي في حجرته المتخذة من حصير في المسجد أثناء اعتكافه فيه، واقتداء من كان حاضرا في المسجد به حينئذ، لا يدل على الصلاة المخصوصة برمضان، التي تؤدى في المساجد جماعة بعد العشاء، والتي تسمى بـ “صلاة التراويح”.
وعلى هذا نستطيع على ما مر من الأدلة أن نقول: ليس في دين الله صلاة مخصوصة برمضان تسمى بـ “صلاة التراويح”. لأننا لا ندين بدين أُحدث بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن ندين بدين قد أتمه الله تعالى بقوله: “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً“- (المائدة 5/3)، وقد بلغه رسول الله الذي فيه “أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً“- الأحزاب 33/21). الحمد لله على ذلك.
والله الموفق وهو المستعان
أنس عالم أوغلو
أضف تعليقا