السؤال:
لماذا أمرنا الله تعالى بالصِّيام؟ وما الحكمة من تشريعه؟ هل الله تعالى بحاجة لصيامنا؟ وهل يمكن أن تكون الحكمة هو شعور الأغنياء بشعور الفقراء؟
الجواب:
علَّة تشريع الصِّيام والحكمة من تشريعه تُفهم من الآية التَّالية:
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة 183)
وقوله تعالى (لعلكم تتَّقون) يُبيِّن العلَّة والحكمة من تشريعه، وهو تعزيز التَّقوى التي فيها المناعة من المعصية وتزكية النفس بإبعادها عن اتِّباع الشَّهوات استجابة لأمر الله تعالى. أمَّا شعور الأغنياء بشعور الفقراء فهو نتيجة طبيعيَّة للصِّيام، لكنَّه ليس بعلِّة له، لأنَّه لو كان كذلك لما أُمر به الفقراء.
ومن هنا نعلم أنَّ الله تعالى ليس بحاجة إلى صيامنا، بل نحن من نحتاج إلى الصِّيام، لتزكو نفوسنا في الدُّنيا ونفوز في الآخرة. وإن لم يتحقَّق المقصود منه فليس لله تعالى حاجة في أن ندع طعامنا وشرابنا كما يبيِّنُه الحديث التَّالي:
“من لم يدع قول الزُّور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”[1]
وفي حديث آخر يقول نبيُّنا عليه الصَّلاة والسَّلام: “كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ، وَكَمْ مِنْ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ”[2]
فصيام رمضان يعزِّز قيم الإسلام كلِّها من صدق وصبر ورحمة وغير ذلك، وينبغي أن لا يتحوَّل إلى طقس يمتنع فيه النَّاس عن المفطِّرات نهارا، ثمَّ يأتون ما بدا لهم من المعاصي ليلا ونهارا، إذ لا معنى للصِّيام إذا لم يحقِّق غايته المنشودة من تركٍ للمنكرات وهجرٍ للشُّبهات وإقبالٍ على كلِّ ما يُرضي الله تعالى من الأقوال والأفعال والتزامٍ بكلِّ خُلُق حميد وابتعادٍ عن كلِّ خُلق قبيح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] صحيح البخاري، 8 – باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم، برقم 1804
[2] مسند أحمد، برقم 9685