اسم السائل: فراس جرار
السؤال: هل الاسرائيليون حاليا هم بنوا اسرائيل؟ وما نعيشه اليوم هو افساد بني اسرائيل الثاني؟ وإذا كان الإسرائيليون اليوم هم بنوا إسرائيل النبي فهل لهم حق في أرض فلسطين لأنهم من نسل إسرائيل الذي عاش عليها واختلط نسله مع الكنعانيين !؟
الإجابة: يتكون هذا السؤال من مفاصل رئيسية أذكرها وأجيب على كل واحد منها:
أولا: اسرائيل هو النبي الكريم يعقوب عليه السلام، والأسباط الإثنا عشر هم أولاده، وقد عرف أولاده وذراريهم ببني إسرائيل، وما ينبغي معرفته أن بني إسرائيل أمة مؤمنة كانت تأتيهم رسل الله تترى وقد ورد ذكرهم في القرآن مرات عديدة لقربهم من العرب الذين نزل فيهم الوحي، فضرب المثل بهم ليتجنب المسلمون الأخطاء التي وقع فيها بنو إسرائيل، وقد كثرت أخطاؤهم واختلافاتهم على أنبيائهم لدرجة الخروج من الإيمان في كثير من الأحيان.
ثانيا: اليهود اليوم يزعمون أنهم من نسل يعقوب عليه السلام. ونحن بدورنا لا يهمنا أبدا صحة هذا الزعم أو كذبه، إذ أن تعامل المسلمين مع غيرهم ينطلق من منطلقين لا ثالث لهما؛ الأول: الإسلام فإن كان قوم على ملة الإسلام فهم منا وإخوة لنا مهما اختلفت الإعراق والأجناس، لقوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء92)، الثاني: السلوك الإنساني: إن علاقة المسلمين بغيرهم قائمة على السلم المتبادل وعدم الظلم، قال تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} (التوبة، 7) فالمسلم لا يظلم غير المسلم كما لا يقبل الظلم لنفسه.
ثالثا: إن أحقية شعب بأرض لا تستند إلى مرور أجداده بهذه الأرض قبل آلاف السنين، وإلا لكان لكل شعوب الأرض أحقية في بلدان بعضهم البعض، فالصليبيون احتلوا بلاد المسلمين ردحا من الزمن، كما فتح المسلمون بلادا واسعة في شرق أوروبا وغربها، ومن قرأ التاريخ يجد أنه لم يكد يسلم بلد من الإحتلال، فالنظرية التاريخية التي يستند إليها الإسرائيليون بأحقيتهم بلاد فلسطين نظرية بالية لا يؤيدها أي قانون أو منطق سليم.
رابعا: يتذرع الإسرائليون بالحق الديني لتبرير احتلالهم لفلسطين، ويقولون إن الله تعالى قد أعطانا هذه الأرض، ويحتجون بقول موسى عليه السلام الوارد في قوله تعالى: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} (المائدة، 21)، يقولون إن الله قد كتب لنا هذه الأرض خالصة لنا من دون الناس ، وهو تحريف ظاهر لمعنى الآية. والآية تخبر بني إسرائيل أن الله قد قدر لكم دخول هذه الأرض فلا تخافوا من استئصالكم وقتلكم على أبوابها ، وقد ذكروا أن فيها قوما جبارين لا يطيقون قتالهم. فالمقصود بالكتابة هو علم الله بالإشياء قبل حدوثها وليس التمليك كما أرادوا وفهموا.
خامسا: لا أحد يستطيع أن يجزم أي فساد هذا؛ الأول أم الثاني، وإن كان معظم الإشارات تشير إلى أنه الثاني، والمؤكد أنه أحد إفساداتهم والذي سينتهي كما انتهت إفساداتهم السابقة، لأن الآية الكريمة لم تحصر إفسادهم بإثنين فقط لقوله تعالى بعد ذكر الإفساد الثاني: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} (الإسراء، 8 ) أي فإن عدتم إلى الإفساد عندنا للعقوبة. وقد أبقت هذه الآية باب التوبة مفتوحا أمام بني إسرائيل كي يعودوا إلى الدين الذي ارتضاه الله تعالى للبشرية كافة إلى قيام الساعة.
أضف تعليقا