عقد الأمان
الأصل في عقد الأمان قوله تعالى {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ َفأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كلامَ الّلهِ ُثمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمََنهُ} (التوبة، 6) وفي هذه الآية نداء من الله جل شأنه إلى نبيه عليه الصلاة والسلام، باستجابته لمن يطلب منه الأمان، وذلك حتى يسمع كلام الله، فتقيم عليه الحجة وهو آمن مستمر الأمان حتى يرجع إلى بلاده وداره ومأمنه. فالأمان مبدأ عظيم من مبادئ وقواعد السلم في الإسلام، وذلك أن هذا الدين يسعى إلى توصيل الخير للعالم أجمع، فرسالة الإسلام كما أرادها الله تعالى للناس كافة، فلا يترك المسلم فرصه إلا وقام بهذه الفريضة فكان الأمان فرصة سانحة لتبليغ دعوة الله تعالى.
يقول الإمام ابن القيم: المستأمن هو الذي يقدم بلاد المسلمين من غير استيطان لها وهؤلاء أربعة أقسام: رسل وتجار، وطالبوا حاجة من زيارة أو غيرها، ومستجيرون حتى يعرض عليهم الإسلام والقرآن، فإن شاؤوا دخلوا وإن شاؤوا رجعوا إلى بلادهم، وحكم هؤلاء ألا يهجروا ولا يقاتلوا ولا تؤخذ منهم الجزية، وأن يعرض على المستجير منهم الإسلام والقرآن، فمن دخل فيه فذلك وإن أحب اللحاق بمأمنه ألحقه به[1].
ومقتضى الأمان أن يتعهد المؤمن فردًا أو حاكمًا بتوفير الأمن والطمأنينة لشخص أو أكثر ولو لأهل بلدة أو حصن أو إقليم، أو قطر، لأن لفظ الأمان يدل على ذلك.
ويقابل مقتضى الأمان بالقانون الدولي ما يسمى بحق الأجنبي في حماية شخصه وماله، فللأجانب حق مقرر بالتمتع بحماية الدولة المقيمين على إقليمها، وعلى الدولة أن تحميهم من الإعتداء، وأن تدفع عنهم الأذى، وأن تعاقب المعتدي، وأن ترعى المعتدى عليه.
ويرى الزحيلي أن مقتضى الأمان يحدده العرف والعادة بحسب كل زمان ومكان، ومن المنطقي أن يسري الأمان في المال والأهل للحاجة إليهما، وإلا لم يكن للأمان معنى. وأما التزام المستأمن بتحمل مسؤولية فعله، فإنه تحتمه ضرورة منع الإخلال بالنظام العام للأمة، ودفع الضرر عن حقوق الأفراد.
أضف تعليقا