السؤال: ورد في القرآن والسنة تحريم الخمر، لكن لم نجد ذكرا لتحريم المخدرات، ومع ذلك يقول العلماء بحرمتها، وهم محقون بذلك بحكم العقل. لكن هل من الممكن بيان حرمتها من خلال الكتاب والسنة؟
الجواب: الخمر: اسمٌ لكلّ مُسْكِرٍ خَامَرَ العَقْلَ[1]. وقد سميت خمراً لأنها تخامر العقل أي تخالطه. ويقال لكل ما يستر من شجر أو غيره: خمر[2] .. ومن خلال المعنى اللغوي لكلمة الخمر فإن المخدرات بأشكالها كافة تدخل تحت هذا المسمى، وهو كذلك من الناحية الاصطلاحية، فعن ابن عمر رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” كل مسكر خمر وكل مسكر حرام”[3]
إن كل ما أسكر فهو خمر[4] ويجري عليه الحكم الوارد في الآية التالية:
قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (المائدة،90_91) . بحسب الآية تظهر الحكمة من تحريم الخمر كما يلي:
1_ أنها رجس من عمل الشيطان
2_ هي سبب في وقوع العداوة والبغضاء بين الناس
3_ كما أنها وسيلة الشيطان لصد الناس عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة.
وبالنظر إلى حكمة التحريم يتبين حرمة المخدرات كذلك؛ لأنها أشد إسكارا من الخمر المعروف، وتأثيرها أشد فتكا، وقد تؤدي بصاحبها إلى الهلاك.
والمخدرات لا يقتصر ضررها على كونها مسكرة ومخامرة للعقل، بل يتعدى ضررها إلى ما هو أبعد بكثير؛ حيث الادمان وما يتبع ذلك من انفلات المدمن نحو الجريمة ليصبح وبالا على أسرته ومجتمعه، ولذلك رأينا القوانين العالمية كلها تمنع وتكافح المخدرات، والمسلمون ليسوا استثناء في ذلك فلا بد من تفعيل القوانين التي تكبح جماح المتجرين بها والمروجين لها، وإنشاء مراكز خاصة لتأهيل المتعاطين لها وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الاعلامية كافة للتحذير من خطرها، وتوعية الجماهير وخاصة الجيل الشاب بمخاطرها وأساليب المروجين لها وبيان خطرها الداهم على الأفراد والمجتمعات.
[1] تاج العروس نقلا عن المصباح، مادة خمر 11/210
[2] لسان العرب مادة خمر 4/258
[3] أخرجه مسلم (3/1588، رقم 2003) ، وأحمد (2/29، رقم 4831) ، وابن حبان (12/188، رقم 5366) ، والترمذى (4/290، رقم 1861) ، وقال: حسن صحيح. والنسائى فى الكبرى (3/212، رقم 5093) ، وأبو داود (3/327، رقم 3679) وغيرهم
[4] انظر: تهذيب اللغات، ق 2 ج1 ص /98 – 99.
لقد اعجبت حقا بهذه الفتوى في حق هذه المحرمات و شكرا
اليس الله باحكم الحاكمين