السؤال: هل من الممكن أن يحصل الانسان على معلومات معتمدة من خلال الرؤيا. فهناك من يدعي ذلك. أرجو توضيح المسألة.
الجواب:
لا تفيد الرؤيا معلومات يقينية، ولكن قد تساعد على تكوين رأي معين، ويمكن أن تحمل الرؤيا تحذيرا أو بشارة. وقد رأي يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام في منامه ما أوَّله أبوه بأنه سيكون نبيا كريما وذا شأن عظيم. قال الله تعالى:
{إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ. قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ. وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (يوسف، 4_6)
في رؤيا يوسف قد رمز لأخوته الأحد عشر بأحد عشر كوكبا، ولأبيه وأمه بالشمس والقمر. ولما كاد أخوة يوسف لأخيهم وانتهى به الأمر بعيدا في مصر حزن أبوه حزنا شديدا حتى ابيضت عيناه من الحزن، إلا أنه لم يفقد الأمل بلقاء يوسف وقد ارتفع شأنه وعلا مقامه؛ لأن رؤيا يوسف وهو صغير كانت تلهمه مزيدا من الصبر وأملا بالفرج.
ولو كانت الرؤيا تعطي معلومات مؤكدة لما حزن يعقوب عليه السلام ذلك الحزن الذي أدى به إلى فقد بصره. قال الله تعالى فيه:
{وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ. قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ. قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (يوسف، 84_86)
قال هذا لما رجع أبناؤه من رحلة بحثهم عن يوسف حيث رجعوا وقد تركوا شقيق يوسف عند عزيز مصر.
لكن يعقوب النبي لم ييأس وبعث بأولاده مرة أخرى ليتحسسوا من يوسف وأخيه. وفي هذه المرة رجع الأخوة بالبشارة حيث تعرفوا على يوسف، وقد أمرهم أن يلقوا بقميصه على وجه أبيه وأن يأتوه بأهله أجمعين. قال الله تعالى في هذا:
{اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ. وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ. قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ. فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (يوسف،93_96)
وقد تحققت رؤيا يوسف كما أخبر الله تعالى:
{وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} (يوسف،100)
وكان السجود في ذاك العصر هو الانحناء احتراما وإجلالا.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم صحابته برؤيا رآها، وقد قص القرآن خبر هذه الرؤيا بقوله تعالى:
{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} (الفتح، 27)
لو كان يمكن اعتماد المعلومة المستقاة من الرؤيا لما كان حاجة لنزول الآية بهذا الخصوص، وعليه يمكننا القول إن الرؤيا تحمل إشارات التحذير والتبشير، وربما تلهم الشخص نحو ما يفعل، ومع ذلك لا يمكن أن يُجزم بأنها مصدر يقيني للمعلومات.
أضف تعليقا