قد يكون للجار مصلحة لا تتحقق على وجهها إلا من خلال ملك جاره، ولا يترتب على ذلك إضرار بالجار أو بملكه، وفي مثل هذه الحالة لا بد من الالتزام بأمر الله تعالى الداعي إلى التعاون على البر والتقوى[1]. والسيرة النبوية فيها شواهد على ذلك.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنعْ أحدُكم جَارَهُ أن يَغْرِزَ خشبة في جداره، قال: ثم يقول أبو هريرة: مالي أراكم عنها معرضين؟ والله لأرْمِيَنَّ بها بين أكتافِكم» وفي رواية «فلما حَدَّثَ أبو هريرةَ طَأْطَؤوا رؤوسَهم، فقال: مالي أراكم معرضين؟ »[2] .
وفي رواية أخرى «إِذا استأْذن أحدُكم جَارَه أن يغَرِزَ خشبة في داره فلا يمنعْه، فَنَكَسُوا رُؤوسَهم، فقال: مالي أراكم أَعرضتُم عنها؟ لأُلْقِيَنَّها بين أكتافكم»[3] وغرز الخشبة في جدار البيت يمثل _في عرفهم آنذاك_ المصلحة التي لا تقضى إلا بالإستعانة بملك الجار دون إلحاق الضرر به، وإلا لا يتصور أحد أن يُطلب من شخص إمضاء مصلحة جاره في الوقت الذي يتضرر هو نفسه من ذلك.
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال «كان له عَضُد نَخْل في حائط رجل من الأنصار، قال: ومع الرَّجُلِ أهلُه، فكان سَمُرَةُ يَدْخُلُ إِلى نخله فيتأذّى به، [وَيشُقُّ عليه] ، فطلب إِليه أن يبيعَهُ، فأبى، فطلب إليه أن يُناقِلهُ، فأبى، فأتى صاحبُ الحائط رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم-، فذكر ذلك له، فطلبَ إِليه رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم- أن يبيعَهُ، فأبى، فطلب إِليه أن يُناقِلَهُ، فأبى، فقال: فَهَبْهُ له، ولك كذا وكذا أجراً، أمراً رَغَّبهُ فيه، فأبى، فقال: أنت مُضَارّ، وقال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم- للأَنصاريِّ: اذهب فاقلعْ نَخْلَهُ»[4]
وروي أن الضحاك بن خليفة سأل محمد بن مسلمة أن يسوق خليجا[5] له فيمر به فى أرض محمد بن مسلمة، فامتنع فكلمه عمر فى ذلك فأبى، فقال: والله ليمرن به ولو على بطنك[6] .
للمزيد حول الموضوع يمكنكم الدخول إلى الرابط التالي http://www.hablullah.com/?p=2314
[1] انظر سورة المائدة، الآية 2
[2] رواه البخاري 5 / 79 و 80 في المظالم، باب لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره، ومسلم رقم (1609) في المساقاة، باب غرز الخشب في جدار الجار، والموطأ 2 / 745 في الأقضية، باب القضاء في المرفق، وأبو داود رقم (3634) في الأقضية، باب أبواب من القضاء، والترمذي رقم (1353) في الأحكام، باب ما جاء في الرجل يضع على حائط جاره خشباً. والحميدي (1077). وأحمد (2/230) قال: حدثنا إسماعيل. وفي (2/327) والبخاري (7/145)
[3] مالك «الموطأ» صفحة (464) . والحميدي (1076). وأحمد (2/240) والبخاري (3/173). ومسلم (5/57). وأبو داود (3634) وابن ماجة (2335) والترمذي (1353) وأحمد (2/396)
[4] أخرجه أبو داود في الأقضية، باب أبواب من القضاء رقم (3636)
[5] الخليج: النهر يؤخذ من النهر الكبير ويقصد به هنا القناة التي يحفرها المزارعون لنقل المياه الى مزارعهم
[6] أخرجه مالك (2 /746) ، والشافعى (1 /224) ، والبيهقى (6 /157) وابن حجر (فتح الباري 111/5) وصححه
أضف تعليقا