السؤال: أنا مسلم وعائلتي مسلمة بحمد لله تعالى، لكني أعيش في بلد افريقي غير مسلم، وقد زنا واحد من أقاربي وهو محصن وقانون البلد لا يرجم الزاني، فهل يمكننا القيام بالرجم لتطبيق الحد.
الجواب: أولا عليك أن تعلم أن حكم الزاني المحصن هو الجلد مئة جلدة وليس الرجم، كما جاء في قوله تعالى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}(النور، 2).
حَكَمت هذه الآيةُ على مَن زنى بجَلد مئةٍ دون تمييز بين الرجل والمرأة، أو بين البِكرِ والثيب.
والحكم بالجلد على الزاني لا ينفذه إلا ولي الأمر أي القضاء المختص، لأنه السلطة القادرة على التنفيذ دون أن تكون عرضة للانتقام، وذلك منعا للظلم وإحقاقا للحق، ولا يتم تنفيذ الحكم إلا باعتراف الزاني أو شهادة أربعة شهود عدول على ما فعل.
ولا يجوز للأفراد تنفيذ الحكم على الزاني، وما عليه سوى التوبة والاستغفار عسى الله تعالى أن يغفر له. قال الله تعالى {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا. إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (الفرقان، 68_70)
وللمزيد حول الموضوع ننصح بقراءة موضوع النسخ والرجم من كتاب أ.د عبد العزيز بايندر (مفاهيم ينبغي أن تصحح على ضوء القرآن الكريم) على هذا الرابط. http://www.hablullah.com/?p=1447
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز للقاضي أن يعفوا عن الزاني المحصن أو غير المحصن أو غير المحصن إن اعترف وتاب توبة نصوحة وعمل صالحا وما الدليل أن كان يجوز أو لا .
وجزاكم الله خيرا .
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
عمل القاضي هو الحكم بالمسألة بحسب ما تقتضيه الأدلَّة، فهو كاشفٌ عن حكم المسألة وليس بصاحب حقٍّ، ولأنَّه ليس بصاحبِ حقٍّ فلا يصحُّ له أن يعفوَ إذا تمَّت إدانة المُتَّهم، ولا بدَّ من تنفيذ الحكم.
يُفهم هذا من قوله تعالى { إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (المائدة، 34).
هذه الآية جاءت بعد آية سبقتها بيَّنت الحكمَ في المحاربين كَقُطَّاع الطُّرق وعصابات الإجرام ، حيث تفيد بأنَّهم إذا
وصلت قضيتهم إلى الحاكم فإنَّ توبتَهم لا تمنعُ من تنفيذِ الحكمِ فيهم، والآيةُ وإن كانت في سياق خاصَّ إلا أنَّها تُفيد العموم وتقرِّرُ قاعدة مهمَّة في القضاء، وهي أنه إذا بلغ الأمر إلى القضاء فلا يندفع النَّظرُ فيه بالتوبة.
وتبقى التوبة حينئذ أمرٌ بين العبد وربِّه وليس لها أثرٌ في إنفاذ الحكم.
روى الإمام مَالِكٌ في الموطأ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ؛ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ قِيلَ لَهُ: إِنَّهُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ. فَقَدِمَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، الْمَدِينَةَ. فَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَتَوَسَّدَ رِدَاءَهُ. فَجَاءَ سَارِقٌ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ. فَأَخَذَ صَفْوَانُ السَّارِقَ. فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ. فَقَالَ صَفْوَانُ: إِنِّي لَمْ أُرِدْ هذَا يَا رَسُولُ اللهِ، هُوَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَهَلاَّ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ»
لم يقبل النَّبيُّ شفاعة صفوان بالسَّارق لأنَّ القضيَّة وصلت إليه بصفته الحاكم المسؤول عن تنفيذ الحكم بمُقتضى الدَّليل، فعقوبةُ السَّرقةِ قطعُ اليد كما نصَّت عليه الآية التَّالية:
{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (المائدة، 38)
أمّا إذا لم تصل المسألة إلى القاضي وتاب الزاني فأمرُه الى الله تعالى، وقد وعد سبحانه بقبول توبة العبد إن صدق فيها كما جاء في قوله تعالى:
{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (طه، 82)
اهلا وسهلا بحضرتك سيد جمال وعندى سؤال لماذا ذكرت الزانية قبل الزاني ولقد قرأت تفسير يقول فالأنثى هي البادئة بالفتنة و الإثارة، و لهذا حملها الله المسؤولية الأولى في الزنى ولكنه ساوى بينها وبين الذكر في العقوبة. ارجو الرد والتوضيح سيد جمال ورمضان كريم علي حضرتك
ذكرت قبل الزاني ليس لأنها البادئة، فالغالب أن الزاني هو البادئ، لكن بدء بها لأنها الأكثر تضررا من الفعل لأنها ربما تحمل فلا تدري ماذا ستفعل بالمولود، كما أنها تضرر سمعتها ومستقبلها أكثر من الزاني.
ثم إن الله تعالى جعل في النساء خاصية المحافظة على نفسها فلا تجد فيها اندفاع الرجل نحوها، لذلك قال الله تعالى في وصف المرأة المؤمنة التي ما زالت على فطرتها التي فطرها الله عليها:
{فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} (النساء 34)