أ.د عبد العزيز بايندر
كان الرسل الذين أرسلهم الله تعالى إلى كلّ مجتمعٍ[1] قد أعلنوا وجوب الذَّهاب إلى مكّة المكرّمة لأداء عبادة الحجّ مرّة في حياتهم لمن استطاع إليه سبيلاً[2]. أمُّ قرى العالمِ كلِّه هي مكّة[3]، والكعبة هي البناء العامُّ الأوّل للعالمين[4]، والتقويم المطبّق وفقاً للقرآن الكريم هو التَّقويم القمريّ. أربعةٌ من الأشهر القمريِّة أشهرٌ حُرُم؛ يعني يُحتفظ فيها بحصانة الحياة والمال بأعلى مستوى، وفي هذه الشهور يستطيع كلّ إنسانٍ أن يسافر ويحمل بضاعته إلى الأسواق ويبيعها ويلبّي حاجاته بأمنٍ وأمانٍ.
عبادة الحجّ تؤدَّى في شهر ذي الحجّة، ويقع هذا الشهر وسط الأشهر الحُرُم الثلاثة، ولأنّه كان يُحافَظُ فيها على أمن وسلامة الحياة والمال فكان الذين يأتون إلى مكّة لا يجيئون لأداء الحجّ فقط بل كانوا يأتون للتجارة أيضاً، فكانت مكّة وما حولها من الأماكن التي يُؤسَّسُ فيها أكبرُ أسواق العالم. لقد بلّغ رسلُ الله تعالى المجتمعات التي أُرسلوا إليها بأن يذكروا اسم الله تعالى على ذبح الأضحية من الضأن والمعز والبقر والإبل في يوم العاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من أيّام ذي الحجّة.
التقويم القمري
أسّس الله تعالى نظام الخلق وفقاً للتقويم القمريِّ، حيث قال: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (التوبة 9/ 36) وهذه هي الشهور القمرية :
جُمَادَى الآخِرَةُ |
جُمَادَى الأُولى |
رَبِيْع الآخر |
رَبِيْع الأَوَّلُّ |
صَفَر |
مُحَرَمْ |
ذُو الحِجَّةِ |
ذُو القِعْدَةِ |
شَوَّال |
رَمَضَان |
شَعْبَان |
رَجَب |
وفي هذا الموضوع قال نبيّنا: (السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ، مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى، وَشَعْبَانَ)[5]، قال الله تعالى فيما يتعلّق بمعايير الحساب التي يستخدم فيها التقويم القمري: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (يونس، 10/5) الضياء شعاع للشَّمس، ونحن لا نستطيع أن نرى الشَّمس بل نرى الأشعّة التي تأتي منها. يقال للضِّياء الذي ينتشر ويساعد في الرؤيا النُّورُ[6] ولا يمكننا أيضاً أن نرى القمر إلّا بمقدار انعكاس نوره أي ضوئه علينا.
كلمة “المنازل” التي وردت في الآية تأتي بمعنى زمن النُّزول ومكان النُّزول والنُّزول. والضَّمير الذي في “وقدّره” يعود إلى النُّور والضِّياء معاً، وهكذا قد أخبر الله تعالى بأنّه نظّم زوايا قدوم شعاع الشمس وضوء القمر وفقاً للمعايير المعلومة. القمر يستمدُّ ضوءه من الشَّمس بالرغم من دورانه في مدار الأرض، وهذا يتطلّب أن تكون صورة القمر مختلفةً كلّ يومٍ. هذا التنوّع يعطينا إمكانيّة عمل الحساب التَّقويميِّ. يقول الله تعالى: {الشَّمسُ والقمرُ بِحُسبانٍ} (الرحمن، 59/5)
الأشهر الحُرُمُ
كما مرَّ سابقاً فإنّ الأشهر الحرم هي ذو القعدة وذو الحجّة ومحرّم ورجب. الثَّلاثة الأولى تأتي متواليات، وشهر رجب هو الشَّهر السَّادس الذي يأتي بعد محرّم. وبعده بشهرٍ يأتي رمضانُ، وبعده بثلاثة أشهرٍ يأتي ذو القعدة الذي هو من الأشهر الحرم. لنقرأ الآية المتعلّقة بها مرَّة أخرى : {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (التوبة 9/ 36) ويحرم القتال في هذا الشهر. قال الله تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} (البقرة 2/217)
قديماً كان العرب يتجنّبون القتال وكلّ نوع من الاعتداء عندما تدخل الأشهر الحرم، حتّى ولو رأى واحدٌ قاتل أبيه أو أخيه كان لا يهاجمه ولا يقول له قولاً سيّئاً.[7] ولتحقيق السَّعادة في الشهر الحرام كان ينبغي لكلّ شخصٍ امتثال الحظر المفروض، قال الله تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (البقرة، 2/ 194) الطرف المقابل إن لم يحترم الشَّهر الحرام واعتدى فيُعامل بالمثل، وهذا الحكم موجود في الآية الأساسية المتعلّقة بالموضوع، وهي: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (التوبة، 9/ 36)
عدّت الآية الذين لا يعترفون بالحظر المفروض في الأشهر الحُرُم من المشركين. لأنّهم قد تجاهلوا حكم الله في هذا الموضوع. الآية المتعلّقة بالقتال في الشهر الحرام هي: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ[8] أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (البقرة 2/ 217)
مكّة والكعبة
الكعبة هي القبلة الأولى والمبنى العامّ الأوّل لكلّ الناس، قال الله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} (آل عمران 3/96) الكعبة بناها النبيّ الأوّل آدم[9] عليه السلام. بكّة أصلها من “التباك” سمّيت مكّة بهذا الاسم للازدحام المفرط الذي في الطواف من حيث كان الناس يدفع بعضهم بعضاً[10]. وقد أصبحت مكة في أقرب وقتٍ مركزا سكنيا وأمَّ القرى؛ أي مدينة العالم الرئيسية. والآيات المتعلقة بهذا الموضوع هي: {وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا} (الأنعام 6/ 92) {وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} (الشورى 42/7) وما حول أمّ القرى هي مدن العالم كلِّه، وهي للعالم كالقلب من الجسد، حتى إن موقعها الجغرافي الذي يتوسط المعمورة يساعد على فهم لماذا كانت مكة أم القرى.
عبادة الحجّ
عبادة الحج بدأت مع آدم عليه السلام، لكنّ الكعبة هدمت في طوفان نوح[11] لذا ضاعت الأماكن التي كانت تؤدّى فيها عبادة الحجّ. إبراهيم عليه السلام ذهب إلى مكة ووجد أُسُسَ الكعبة. نتعلّم هذا من الآيات التالية : {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (البقرة 2/ 127-128) بعدما بنى إبراهيم عليه السلام الكعبة من جديد سأل الله تعالى أن يريه بقيَّة المناسك، يُفهم هذا من قوله: (وأرنا مناسكنا) كما يفهم منها أنّ عبادة الحجِّ لم تؤدّ في الكعبة فقط، بل كان هناك ثلاثة أو أكثر من الأماكن التي تُؤدَّى فيها عبادة الحجّ. لأنّ كلمة “المناسك” جمعٌ، والجمع في اللغة العربيّة يدلّ على ثلاثة على الأقلّ. والمناسك التي خارج الكعبة هي عرفة ومزدلفة ومنى والصفا والمروة. حينما كان يبني إبراهيم عليه السلام الكعبة كان لا يوجد هناك مركز سكنيٌّ. ونتعلّم هذا من دعائه حينئذ: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} (إبراهيم 14/ 37)
حينما أرى الله تعالى إبراهيم مناسك العبادة أمره بما يلي : {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِير} )الحج22/ 27-28) في الآية حرف التعريف “ال” الذي في بداية كلمة “بالحج” دليلٌ آخر على أنّه كان معروفاً من قبل. كما أن عدم ذكر زمن الحجّ يدلّ على أنه كان معروفاً أيضاً. ولذلك قال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} (البقرة 2/ 197) وردت كلمة ” أشهر” في الآية بصيغة الجمع، لذا لا يمكن أن تكون أشهر الحج أقلّ من ثلاثة؛ لأن الجمع لا يدلّ على أقلّ من ثلاثة. الشهر القمري ذو الحجة هو بمعنى الشهر الذي فيه عبادة الحج، قبله ذو القعدة وبعده شهر محرّم. وينبغي أن تكون أشهر الحج هذه الأشهر الثلاثة. وكون هذه الأشهر الثلاثة أشهراً حرماً يعطي إمكانيّة مجيئ الناس إلى مكّة المكرّمة وعودتهم منها في هذا الوقت. هذه الآيات تنبّه إلى هذا أيضاً: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا}( المائدة 5/ 2)
إن ذِكر كل من الشهر الحرام والأنعام الأضاحي والأشخاص الذين ينوون الذهاب إلى الكعبة معاً يقوّي فهم كون عبادة الحجّ والأضحية تقع في الأشهر الحُرُم. تبدأ عبادة الحجّ في اليوم التّاسع من ذي الحجة في وقت صلاة الظهر في عرفة. ولذلك يقال لذاك اليوم “عرفة”. وفقاً للقرآن يأتي النَّهار أوّلاً ثمّ الليل؛ لأنَّه لا يمكن مجيئ الليل قبل النَّهار[12]، ولذلك يبدأ يوم عرفة بطلوع الشمس من اليوم التاسع ويدوم حتّى طلوع الشمس من اليوم العاشر. الوقوف بعرفة والمزدلفة الذي هو من فروض الحج يؤدّيان في ذاك اليوم. روي عن عروة بن المضرس أنه قال: “أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت يا رسول الله إني جئت من جبل طيء أكللت راحلتي وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلاَّ وقفت عليه فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تمَّ حجّه وقضى تفثه)[13]. أيّام ذي الحجة من اليوم العاشر حتى اليوم الثالث عشر أيام لأداء الطواف حول الكعبة والسعي ورمي الجمرات وذبح الأضاحي. ولأنَّ هذه الأيام تأتي في وسط الشهر القمريّ حيث يكون القمر منيرا فإنه يتبدد ظلام الليل ويسهّل أداء العبادة.
عبادة الأضحية
كما كلَّف الله تعالى الأممَ بفريضة الحجِّ كلّفهم كذلك بذبح الأضحية، يقول الله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [14] فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} (الحج 22/ 34) المنسك يأتي بمعنى مكان نحر الأضحية وزمن ذبح الأضحية وذبح الأضحية. وهنا يناسب معنى الأضحية وزمن نحرها. ويفهم من ورود تعبيير “كل أمّة” أنّ عبادة الأضحية أيضاً كانت من العبادات التي كانت تعرف وتطبّق من آدم عليه السلام حتّى الآن. الأضحية التي وردت في هذه الآية المتعلّقة بالحجّ أيضاً هي أضحية الأضحى: {لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} (الحج 28/22) وقوله تعالى ” أيامٍ معلوماتٍ” يدلُّ على أن أيام الأضحية كانت معروفة من قبل أيضاً.
الأسواق العالميّة والمحلّيّة
هنا يتمّ التركيز على المصالح الشخصيّة التي سيراها من يأتي للحج، يروى عن عبد الله بن عبّاس قوله: “كان الناس يبيعون ويشترون قبل بداية الحجّ في منى وعرفة وسوق ذي المجاز والأسواق الأخرى”[15] كان يقام سوق “عكاظ” بالقرب من عرفة منذ اليوم الأوّل من ذي الحجّة إلى اليوم العشرين[16] كما كان يقام سوق “ذو المجاز” من اليوم الأوّل من ذي الحجة إلى اليوم التاسع، وبعد ذلك كانت تبدأ مناسك الحج بالذهاب إلى منى[17]. هذه الأسواق استمرّ إعمالها بعد الإسلام أيضاً. وكان أوّل سوق تُرك هو سوق عكاظ، حيث لم يُعمل به في زمن الخوارج (129 ه ) وترك تماماً بعد ذلك[18].
في عصور ازدهار تلك الأسواق كان يُتاجر فيها وتُقرأ الأشعار وتلقى الخطب، وكان محمد (صلّى الله عليه وسلّم) ينضمّ إلى هذه الأسواق، وقد استمرّ انضمامه إليها بعد نبوّته أيضاً. وكان يقابل الناس الذين يأتون إلى الأسواق وجهاً لوجهٍ[19] لدعوتهم إلى دين الله تعالى. وفي هذا الموسم أيضاً تمّت بيعتا العقبة؛ حيث بايع بعضُ المدنيّين الذين أسلموا نبيَّنا صلى الله عليه وسلم. وكان الخليفة عمر بن الخطّاب يجمع ولاته في الحرم في هذا الموسم ويحاسبهم أمام الناس[20]. وكان الذين عندهم شكاوى يقدمونها، وكانوا يحاكَمون أمام الخليفة إن اقتضى الأمر ذلك.
والسنة القمرية أقصر من السنة الشمسية بأحد عشر يوما. وهذا يكون سببا لتوافق موسم الحج في كل شهرين من شهور السنة الشمسية خمس مرات أو أكثر. وإن فرضنا أن مدة موسم الانتاج الزراعي لكل منطقة في العالم تقدَّر بشهرين لسنحت الفرصة مرة واحدة في كل موسم خلال ست سنوات تقريبا لإخراج تلك المنتجات خارج الأسواق المحلية والمناطقية والذهاب بها إلى مكة وتعريفها للناس الذين يأتون من كافة أنحاء العالم. وهذا يسهم بتطور التجارة الدولية بدرجة كبيرة.
قال الله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَٰلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم} (المائدة 5/ 97) وشهر رجب الذي يأتي بعد شهر محرّم بستّ شهورٍ يُعتبر من الأشهر الحرم أيضا، وفي هذا الشهر تنشأ الفرصة لتصدير البضائع إلى الأسواق التي تؤسّس في كلّ أنحاء العالم وبيعها.
وفقاً للآية الثامنة والعشرين من سورة الحج التي فسّرناها في الأعلى فإنّ الذين يأتون لأداء الحجِّ يضحّون أضحية عيد الأضحى أيضاً، وقد ضحّى نبيّنا في حجّة الوداع؛ من تلك الأضاحي بقرةً لزوجاته. وحينما أوتي باللحم لأمّنا عائشة قالت : ما هذا؟ قَالُوا: ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَزْوَاجِهِ بِالْبَقَرِ) [21] فالذي ضحّاه نبيّنا عن نسائه هو أضحيّة عيد الأضحى، ولأنه لا توجد أضحيّة باسم أضحية الحج.
لم يقل أيّ مذهبٍ بأنّه من حجّ فيلزمه أن يضحّي. لكنه من لم يسكن في مكّة إذا اعتمر قبل الحج فيجب عليه أن يضحّي، فإن لم يستطع فيصم ثلاثة أيامٍ في مكّة وسبعة أيّام بعد عودته إلى بلده. ولا يوجد غير هذا أضحيةٌ باسم أضحية الحجّ (البقرة 2/ 196) ولزوم ذبح الأضاحي هناك يقتضي تأسيسَ سوقٍ كبيرٍ للأنعام. وهذا مؤشّرٌ على أنّ تجارة الأنعام تحتل مكاناً هامّاً إلى جانب المنتجات التجاريّة الأخرى.
النسيء
تبع العرب التقويم القمري مدّةً طويلةً. ولكن قد حدّدوا موسم الحجّ بالزيادة في أيامه لتكييف التقويم القمري مع التّقويم الشّمسي[22] ليسافروا في فصلٍ مناسبٍ ويبيعوا منتجاتهم. قال الله :{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (التوبة 9/ 37) وقد أدّى النَّسيء إلى فقدان معنى “الأشهر الحُرُم” وإضعاف التجارة الدوليّة.
الخاتمة
الأحكام المتعلّقة بالتقويم القمري والأشهر الحرم صالحةٌ إلى قيام الساعة ( المائدة 5/2) وقد ابتعد المسلمون عن القرآن في هذا الموضوع كما ابتعدوا عنه في كثيرٍ غيره. إن وضع هذه المواضيع موضع التنفيذ وتوفير أمن الحياة والمال لكلّ إنسانٍ ليس محارباً إيّانا وإعطاء الفرصة لمجيء الناس إلى الأسواق المفتوحة التي تؤسّس في الأشهر الحرم وظيفةٌ كلّفنا الله تعالى بها. ومن حقّ كلّ شخصٍ من كلّ أنحاء العالم أن يأتي لفهم القرآن في أيّ وقتٍ يريد. وتوفير هذه الإمكانية من ضمن الوظيفةّ التي كلّفنا الله بها، قال الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ} (التوبة 9/6) كون الشخص مسلماً هو قراره وما يخصّه، فكلّ شخصٍ يسلك طريقاً له. وما علينا إلّا البلاغ. أمّا في الأمور الدنيويّة النافعة فلا نقف عند البلاغ، بل نتفاعل وندخل السباق معهم نحو الخيرات. قال الله: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ( البقرة 2/ 148).
وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين والفطرة
الموقع: حبل الله www.hablullah.com
[1] إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيها نَذِيرٌ ( فاطر 35/ 23-24)
[2] إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ . فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (آل عمران 3/ 96-97)
[3] الأنعام 6/92 ،الشورى 42/7.
[4] آل عمران 3/96
[5] البخاري، التفسير ،سورة التوبة، الباب الثامن.
[6] راغب الأصفهاني، المفردات، (تحقيق: صفوان عدنان داوودي)، دمشق و بيروت، 1412/1992.
[7] الموسوعة الفقهيّة الكويتيّة ج، 5،س 51. كويت، بين 1404-1427هجري.
[8] إلقاء شيءٍ ما في النار ( لسان العرب ). وإن كانت لمعرفة حقيقة المادّة التي وضعت في النار فتأتي بمعنى الاختبار (الأعراف 7/155) وإن كانت مثل المعدن المطليّ بالذهب فتأتي بمعنى الخدعة ( الأعراف 7/27 )، وإن كانت مثل إلقاء المجتمع في النار فتأتي بمعنى القتال (البقرة 2/191)، وإن كانت للعقاب بالنار فتأتي بمعنى عذاب جهنّم (الذاريات 51/10-14 ).
[9] محمّد بن جرير الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن، بيروت 1412/1992.، سورة الحجّ تفسير الآيتي 27-28.
[10] المفردات.
[11] فخر الدين الرازي، التفسير الكبير، بيروت 1420. آل عمران تفسير الآيتين 96-97.
[12] يس 36/40.
[13] أبو داوود، “المناسك”،69.
[14] وفقاً للآيتين 143-144 من سورة الأنعام فإنّ الأنعام هي الضأن والمعز والبقر والإبل من الذكر والأنثى.
[15] أبو داوود، السنن، المناسك 7، رقم الحديث 1734.
[16] جواد علي، تاريخ العرب قبل الإسلام، ج. 711، س.377 ودوامه. نشر بدعم من جامعة بغداد، ولا يوجد التاريخ.
[17] جواد علي، تاريخ العرب قبل الإسلام، ج.711،س. 375.
[18] إبراهيم جانان، ترجمة الكتب الستّة وشرحها، نشريّات آكجاغ: 3/288-289.
[19] جواد علي، تاريخ العرب قبل الإسلام، ج.711, س.382.
[20] هيئة برئاسة حقّي دورسون، تاريخ الإسلام الكبير، ج.2، س.179، ودوامه. إسطنبول 1992.
[21] البخاري، الأضاحي، 3.
[22] لمزيد من المعلومات انظر، مصطفى فايدا، النسيء DIA
موضوع هام جيد السبك سهل الفهم . شكرا وجزاكم الله خيرا.
جزاك الله خيرا د.عبد العزيز.
ولكن في مقالك كلمة” التقويم القمري” وكلمة تقويم بمعنى تصحيح وإرجاع الشيء لأصله!!
إذن:
التوقيت القمري وليس التقويم كما اظن؟؟
ولكن أرجو من الدكتور عبد العزيز الجواب على هذا السؤال:
هل كان في الاسلام تقويما قمريا أم توقيتا ثابتا ؟؟والشهور تدور على طبيعتها بمعنى: الشهور قد تأتي في الصيف او الشتاء او الخريف أو الربيع؟؟
أسمع من البعض بأنه كان هناك شهر يضاف كل 3 سنوات لشهور السنة القمرية لتعديل الشهور القمرية مع الشمسية وتبقى أسماء الشهور مناسبة لظروفها ومناخها؟؟
أرجو الرد بسؤال وموضوع مستقل كمقال للانتفاع به من الجميع..
وشكرا.
في رمضان يتم التدقيق حول بدء الشهر ويختلفون فيه .. في ذي الحجة تحدد السعودية يوم بدء الشهر وبالتالي يوم عرفة ويوم العيد .. ويخرس رجال الدين في الدول الاخرى .. ويصعد الحجاج لاداء المناسك في وقت مختلف عن الوقت المفروض وهنا نحن امام امران … الاول انه غير جائز وبالتالي العلماء الصامتون عن الحق يكونون كالشياطين …
أو هو امر جائز وبالتالي يمكن اداء الحج في اول ذي القعدة أو اخر المحرم .
وايضا على رجال الدين النطق وعدم السكوت على تصرفات السعودية بموضوع الحج
{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} (البقرة 2/ 197) وردت كلمة ” أشهر” في الآية بصيغة الجمع، لذا لا يمكن أن تكون أشهر الحج أقلّ من ثلاثة؛ لأن الجمع لا يدلّ على أقلّ من ثلاثة. الشهر القمري ذو الحجة هو بمعنى الشهر الذي فيه عبادة الحج، قبله ذو القعدة وبعده شهر محرّم. وينبغي أن تكون أشهر الحج هذه الأشهر الثلاثة.
هل ممكن ايضاح اكثر لهذه الفقره؟ هل معنى هذا ان الحج ممكن في اي وقت خلال الثلاث اشهر؟
“الحج أشهر معلومات”، حيث يصح عقد النية للحج من بدايتها، ولا تصح قبل دخولها. أما الأركان فتقضى في “أيام معدودات” وهي محل أركانه العظمى؛ كالوقوف بعرفة والإفاضة إلى مزدلفة، وهذه لا تصح إلا بأيام محددة يليها عيد الأضحى، ولا تصح هذه الأركان إلا بأيامها المبينة.
اهلا سيد جمال وعندى سؤال
الاية ٥ من سورة التوبة تأمرنا بقتل واسر وحصار المشركين الناقضين للعهد ونخلي سبيلهم اذا تابوا اي اسلموا
السؤال هنا ماذا اذا لم يسلموا؟ هل نقتلهم؟ من الطبيعي ان يقولوا اسلمنا خوفا من القتل وهنا سيصبح لدينا منافقين في الدين وهذا لا يرغبه الله بالتأكيد اذا ما هو بديل عدم توبتهم بالاسلام؟ سألت الازهر وقالوا لي هنا الاسرى يتم معاملتهم معاملة الاسلام اما منا بعد او فداء ولكن لا نكرههم على الاسلام
ما هو رأي حضرتكم؟
أهلا بكم:
الجهاد لم يفرض في الإسلام لقتال المخالفين له، وإلا لم يكن لحرية الاعتقاد التي ينادي بها الإسلام أي معنى، قال الله تعالى:
{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (البقرة 256).
أما قوله تعالى ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: 36] فالآية تأمر بقتال المشركين الذين يقاتلون المسلمين، لأنها تتحدث مباشرة عن مشركي مكة الذين أخرجوا النبي والمؤمنين من مكة ثم حاربوهم في بدر وأحد والخندق، ثم نقضوا صلح الحديبية. يدل على هذا الآيات التي سبقتها:
﴿وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ. أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ، فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة: 12-13]
إن البدء في قتال المشركين دون سبب يستدعيه هو اعتداء نهانا الله تعالى عنه بقوله:
{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة، 190).