السؤال: ما مدى صحة وصف آدم عليه السلام بأنه خليفة الله في الأرض؟ وهل ينطبق هذا الوصف على بني آدم أيضا وخاصة الحاكم المسلم؟
الجواب: يصف البعضُ آدمَ عليه السلام بأنَّه خليفةُ الله في الأرض، وهذا وصف خاطئ تماما، وحاشا لله أن يتَّخذ خليفة له، والحقيقةُ أنَّ وصف آدم بـ “الخليفة” جاء للدَّلالة على كون الإنسان خليفة، أي نائبا لغيره ومنوبا عنه. فأصل كلمة خليفة (خليف) وإضافة التاء المربوطة إليها يفيد المبالغة. وكلمة “خليفة” يمكن أن تأتي اسم فاعل واسم مفعول في عين الوقت؛ فمن الأوَّل أن يخلف الشَّخصُ غيرَه، ومن الثَّاني أن يخلفَه غيرُه، وفي كلا الحالتين لا بُدَّ من موت الأوَّل أو تغييبه ليحلَّ الثَّاني محلَّه. ومثاله أنَّ أبا بكر الصِّدِّيق قد خَلَفَ النَّبيَّ مُحمَّداً صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في قيادة الأُمَّة، فأبو بكر خليفةٌ باسم الفاعل والنَّبيُّ خليفةٌ باسم المفعول. وعندما نقول إنَّ آدم عليه السَّلام خليفةٌ فإنَّه يتبادر إلى الذِّهن أنَّه اسمُ مفعول لا اسم فاعل لعدم وجود الإنسان قبله.
كما أنَّ كلمة “خليفة” تشير إلى مبدأ الاختلاف الذي يحكم حركة الإنسان ويميز كل إنسان عن أبناء جنسه؛ لنجد الناس مختلفين في مناهجهم وقدراتهم وتصوراتهم وحتى أشكالهم. قال الله تعالى:
{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ. وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ …} (هود، 118_119)
وقد أنزل الله تعالى شريعته إلى النَّاس لينضبط الاختلاف فيكون سببا في الرقيّ والتَّقدم، ومعلومٌ أنّ التَّقدم لا يحصل دون اختلاف القدرات وتنوع المهارات، والزيغ عن دين الله يؤدي إلى تضارب مصالح المختلفين لينتج عنه إهدار الحقوق وسفك الدماء وتعميم الفساد. قال الله تعالى:
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} (الحديد، 25)
نفهم مما سبق أنَّه لا يصحُّ أن يُطلق على آدم أو الإنسان عموما مصطلح “خليفة الله”، كما لا يصحُّ أن يُطلق على الحاكم المسلم أو غير المسلم. لأنَّ الله تعالى حيٌّ لا يموت، كما أنَّه لا يغيب عنه مثقال ذرَّة في الأرض ولا في السماء، لهذا لا يمكن لأحد أن يكون خليفة له. والصحيح أنَّ الإنسان خليفة للإنسان، حيث يتخالفون على هذه الأرض حتى قيام الساعة.
لقراءة موضوعات ذات صلة ينصح بقراءة مقالة أ.د عبد العزيز بايندر (الخليفة والخلافة) على الرابط التالي http://www.hablullah.com/?p=2451
وكذلك مقالته (مقام الخليفة والكهنوت) على الرابط التالي http://www.hablullah.com/?p=2657
أضف تعليقا